[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد دل القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين بعدهم والأئمة على أن من الذنوب كبائرَ وصغائر (?).
(وقال أيضاً: والذين لم يقسموها إلى كبائر وصغائر قالوا: الذنوب كلها بالنسبة إلى الجراءة على الله سبحانه ومعصيته ومخالفة أمره كبائر؛ فالنظر إلى من عُصي أمرُه، وانتُهك محارمه يوجب أن تكون الذنوب كلها كبائر، وهي مستوية في هذه المفسدة (?).
وقال بعد أن ساق بعض ما أورده مَنْ قال إن الذنوب كلها كبائر: فالشرك أظلم الظلم، والتوحيد أعدل العدل؛ فما كان أشدَّ منافاة لهذا المقصود فهو أكبر الكبائر، وتفاوتها في درجاتها بحسب منافاتها له، وما كان أشدَّ موافقة لهذا المقصود فهو أوجب الواجبات، وأفرض الطاعات؛ فتأمل هذا الأصل حق التأمل، واعتبر تفاصيله تعرف به حكمة أحكم الحاكمين، وأعلم العالمين فيما فرضه على عباده، وحرمه عليهم، وتفاوتَ مراتب الطاعات والمعاصي (?).
(كيف ينظر الإنسان إلى الذنب:
مسألة: كيف ينظر الإنسان إلى الذنب؟
[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
قال في المنازل: "وهي أن تنظر في الذنب إلى ثلاثة أشياء:
(إلى انخلاعك من العصمة حين إتيانه.
(وفرحك عند الظفر به.
(وقعودك على الإصرار عن تداركه مع تيقنك نظر الحق إليك".
يحتمل أن يريد بالانخلاع عن العصمة: انخلاعه عن اعتصامه بالله فإنه لو اعتصم بالله لما خرج عن هداية الطاعة قال الله تعالى {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101] فلو كملت عصمته بالله لم يخذله أبدا قال الله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال: 40]
أي متى اعتصمتم به تولاكم ونصركم على أنفسكم وعلى الشيطان وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد وعداوتهما أضر من عداوة العدو الخارج فالنصر على هذا العدو أهم والعبد إليه أحوج وكمال النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله.