فالتوبة من هذا الفسوق: بإثبات ما أثبته الله لنفسه ورسوله من غير تشبيه ولا تمثيل وتنزيهه عما نزه نفسه عنه ونزهه عنه رسوله من غير تحريف ولا تعطيل وتلقى النفي والإثبات من مشكاة الوحي لا من آراء الرجال ونتائج أفكارهم التي هي منشأ البدعة والضلالة.

فتوبة هؤلاء الفساق من جهة الاعتقادات الفاسدة: بمحض اتباع السنة ولا يُكْتَفَى منهم بذلك أيضا «حتى يبينوا فساد ما كانوا عليه من البدعة» إذ التوبة من ذنب هي بفعل ضده ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البينات والهدى: البيان لأن ذنبهم لما كان بالكتمان كانت توبتهم منه بالبيان قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:160،159]

(وذنب المبتدع فوق ذنب الكاتم لأن ذاك كتم الحق وهذا كتمه ودعا إلى خلافه فكل مبتدع كاتم ولا ينعكس.

مسألة: ما هو الإثم والعدوان؟

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

(الإثم والعدوان) فهما قرينان قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] وكل منهما إذا أفرد تضمن الآخر فكل إثم عدوان إذ هو «فعل ما نهى الله عنه أو ترك ما أمر الله به» فهو عدوان على أمره ونهيه وكل عدوان إثم فإنه يأثم به صاحبه ولكن عند اقترانهما فهما شيئان بحسب متعلقهما ووصفهما.

(ف (الإثم) ما كان محرم الجنس كالكذب والزنا وشرب الخمر ونحو ذلك.

(و (العدوان) ما كان محرم القدر والزيادة.

فالعدوان: تعدى ما أبيح منه إلى القدر المحرم والزيادة كالاعتداء في أخذ الحق ممن هو عليه إما بأن يتعدى على ماله أو بدنه أو عرضه فإذا غصبه خشبة لم يرض عوضها إلا داره وإذا أتلف عليه شيئا أتلف عليه أضعافه وإذا قال فيه كلمة قال فيه أضعافها فهذا كله عدوان وتعد للعدل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015