(إذا عاهدوا لم يفوا، وإن وعدوا أخلفوا وإن قالوا لم ينصفوا، وإن دعوا إلى الطاعة وقفوا، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدفوا، وإذا دعتهم أهواؤهم إلى أغراضهم أسرعوا إليها وانصرفوا، فذرهم وما اختاروا لأنفسهم من الهوان والخزي والخسران، فلا تثق بعهودهم ولا تطمئن إلى وعودهم، فإنهم فيها كاذبون وهم لما سواها مخالفون قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ، فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ} [التوبة/77:75].

مسألة: ما هي كيفية التوبة من النفاق؟

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

وشرط في توبة المنافق: الإخلاص لأن ذنبه بالرياء فقال تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار} ثم قال {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 45، 46]

ولذلك كان الصحيح من القولين: أن توبة القاذف: إكذابه نفسه لأنه ضد الذنب الذي ارتكبه وهتك به عريض المسلم المحصن، فلا تحصل التوبة منه إلا بإكذابه نفسه لينتفي عن المقذوف العار الذي ألحقه به بالقذف وهو مقصود التوبة.

وأما من قال: إن توبته أن يقول (أستغفر الله) من القذف ويعترف بتحريمه فقول ضعيف لأن هذا لا مصلحة فيه للمقذوف ولا يحصل له به براءة عرضه مما قذفه به فلا يحصل به مقصود التوبة من هذا الذنب فإن فيه حَقين حقا لله وهو تحريم القذف فتوبته منه: باستغفاره واعترافه بتحريم القذف وندمه عليه وعزمه على أن لا يعود وحقا للعبد وهو إلحاق العار به فتوبته منه: بتكذيبه نفسه فالتوبة من هذا الذنب بمجموع الأمرين.

(الفسوق وأنواعه:

مسألة: ما هي أنواع الفسوق؟

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

وأما الفسوق: فهو في كتاب الله نوعان مفرد مطلق ومقرون بالعصيان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015