«بين العمل وبين القلب مسافة» وفى تلك المسافة قطاع تمنع وصول العمل إلى القلب فيكون الرجل كثير العمل وما وصل منه إلى قلبه محبة ولا خوف ولا رجاء ولا زهد في الدنيا ولا رغبة في الآخرة ولا نور يفرق به بين أولياء الله وأعدائه وبين الحق والباطل ولا قوة في أمره فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه لاستنار وأشرق ورأى الحق والباطل وميز بين أولياء الله وأعدائه وأوجب له ذلك المزيد من الأحوال.
«ثم بين القلب وبين الرب مسافة» وعليها قطاع تمنع وصول العمل إليه من كبر وإعجاب وإدلال ورؤية العمل ونسيان المنة وعلل خفية لو استقصى في طلبها لرأى العجب ومن رحمة الله تعالى: سترها على أكثر العمال إذ لو رأوها وعاينوها لوقعوا فيما هو أشد منها من اليأس والقنوط والاستحسار وترك العمل وخمود العزم وفتور الهمة. انتهى.
(«فالتزكية هي: الأثر في القلب»!!
بين العمل و القلب مسافة و بين القلب و بين الرب مسافة، في هذه المسافات – كما يقول بن القيم –: (قطاع طرق يقطعون الطريق على العمل أن يصل إلى القلب، و على القلب أن يصل إلى الرب)
يقول بن القيم: (و قد تستولي النفس على العمل الصالح فتصيره جنداً لها، فتصول به و تطغى فترى الرجل أعبد ما يكون و أطوع ما يكون و هو عن الله أبعد ما يكون)
هذه هي النقطة: قد تستولي النفس على العمل الصالح!!
أنت صليت فهل هذه الصلاة وصلت لقلبك، لو وصلت لقلبك تنهاك عن الفحشاء و المنكر، لكنك تجد إنسان يصلي و على باب المسجد ينظر إلى إمرأة متبرجة، على باب المسجد يكذب كذبة، على باب المسجد يتكلم مع أخر و يغتاب غيبة، فماذا فعلت الصلاة؟!
هذه هي التزكية، «كيف يصل العمل إلى القلب؟!» بإزالة قطاع الطرق بين العمل و بين القلب، والمدارج هي قضية الترقي درجة درجة.
{تنبيه}: (علم تزكية النفوس من العلوم الخطيرة المهمة و مع شديد الأسف أن كثيراً ممن كتبوا في هذا العلم جعلوه علم الخاصة مع أنه العلم الذي يطالب به كل إنسان.
[*] (قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في التحفة العراقية يقول عليه رحمة الله: ((العبادات القلبية كالحب و الخوف و الرجاء و التوكل و اليقين و الرضا و الإنابة و الإخبات و الخشية و أمثالها واجبة بأصل الشرع على جميع المكلفين كوجوب الصلاة و الصيام و الحج))