{تنبيه}:• إن سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى بحرصهم على أوقاتهم علا قدرهم وسما شأنهم، فقد كتب الله تعالى لهم التوفيق في استثمار فرصة الحياة وجعل الدنيا مزرعةً للآخرة بصدقهم مع الله تعالى، فإنه من المعلوم شرعاً أنه ليس كلُ أحدٍ يُوَفَّقُ للخير وأن الله تعالى لا يُوَفِق للخير إلا من يصطفيه فيستعمله في طاعته ويبارك له في وقته، أما في زماننا هذا فإن من أبرز أسباب تخلف المسلمين تفننهم وتفانيهم في تدمير وإهدار أوقاتهم في المقاهي والملاهي والطرقات وأمام التلفاز والتسجيلات الصوتية والمرئية وفي غير ذلك من المجالات التي لا فائدة منها ولا ثمرة من ورائها إلا تدمير الوقت تدميرا، وتدمير عمره بالعصيان والخذلان واستحواذ الشيطان، واعجباً لهم! فقد شَيَّبُوا نعمهَ الله عليهم بالكفران، ومَرَّروا بالخطأ حلاوة الإيمان،، وهدموا الطاعة بالعصيان، أين هم ممن صحبوا الدنيا بالأشجان، وتنعموا فيها بطول الأحزان، ونصبوا أقدامهم في خدمة الملك الديان، فما نظروا إليها بعين راغب، ولا تزودوا منها إلا كزاد الراكب، خافوا البيات فأسرعوا، ورجوا النجاة فأزمعوا، نصبوا الآخرة نصب أعينهم، وأصغوا إليها بآذان قلوبهم، فلو رأيتهم رأيت قوماً ذبلا شفاههم، حمصاً بطونهم، حزينة قلوبهم، ناحلة أجسامهم، باكية أعينهم، لم يصحبوا العلل والتسويف، وقنعوا من الدنيا بقوت طفيف لبسوا من اللباس أطماراً بالية، وسكنوا من البلاد قفاراً خالية، هربوا من الأوطان واستبدلوا الوحدة من الإخوان، فلو رأيتهم لرأيت قوماً قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر، وفصل الأعضاء منهم بخناجر التعب، خمص لطول السرى شعث لفقد الكرا، قد وصوا الكلال بالكلال، وتأهبوا للنقلة والإرتحال، يتلذذون بكلام الرحمن ينوحون به على أنفسهم نوح الحمام.