هُنَاكَ أُنَاسٌ مُنَافِقُونَ تُعْجِبُ المَرْءَ حَلاَوةُ أَلْسِنَتِهِمْ، وَيَتَظَاهَرُونَ بِالوَرَعِ وَطِيبِ السَّرِيرَةِ، وَيُشْهِدُونَ اللهَ عَلَى صِدْقِ طَوِيَّتِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ، وَقُلُوبُهُمْ فِي الحَقِيقَةِ هِيَ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، فَهُمْ يَقُولُونَ حَسَناً، وَيَفْعَلُونَ سَيِّئاً، وَهُمْ شَدِيدُو الجَدَلِ، لا يُعْجِزُهُمْ أَنْ يَغُشُّوا النَّاسَ بِمَا يَظْهَرُ عَلَيهِمْ مِنَ المَيْلِ إِلى الإِصْلاَحِ.

فَإِذَا انْصَرَفَ الوَاحِدُ مِنْ هؤُلاءِ إِلى العَمَلِ، أَوْ إِذا تَوَلَّى وَلاَيَةً يَكُونُ لَهُ فِيهَا سُلْطَانٌ، اتَّجَهَ إَلَى الشَّرِّ وَالفَسَادِ فِي قَسْوَةٍ وَجَفْوَةٍ، تَتَمَثَّلُ فِي إِهْلاَكِ النَّبَاتِ وَالحَرْثِ، وَإِتْلافِ النَّسْلِ الذِي يُمَثِّلُ امْتِدَادَ الحَيَاةِ، وَاللهُ تَعَالَى يَكْرَهُ الفَسَادَ وَالمُفْسِدِينَ.

فَإِذَا أَخْرَجَ هذَا المُنَافِقُ حِقْدَهُ عَنْ طَرِيقِ التَخْرِيبِ وَالفَسَادِ، وَقِيلَ لَهُ: لاَ تَفْعَلْ ذلِكَ وَاتَّقِ اللهَ، وَاسْتَحِ مِنْهُ، اسْتَعَزَّ بِالإِثْمِ وَالخَطِيئَةِ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ فِي وَجْهِ الحَقِّ. فَإِنْ يَفْعَلْ هذا المُنَافِقُ ذلِكَ فَجَهَنَّمُ حَسْبُهُ، وَفِيهَا الكِفَايَةُ لَهُ، وَهِيَ بِئْسَ المَقَرُّ وَالمِهَادُ لَهُ، وَهِي الجَزَاءُ الأَوْفَى عَلَى أَفْعَالِهِ وَآثَامِهِ.

(54) عدم اتباع منهج الله:

قال تعالى: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 162]

لاَ يَسْتَوي مَنِ اتَّبَعَ أمْرَ اللهِ فِيمَا شَرَعَهُ، وَتَرَكَ الغُلُولَ وَغَيْرَهُ مِنَ الفَوَاحِشِ وَالمُنْكَرَاتِ، حَتَّى زَكَتُ نَفْسُهُ، فَاسْتَحَقَّ رِضْوَانَ اللهِ، وَجَزيلَ ثَوَابِهِ، مَعَ مَنِ اسْتَحَقَّ غَضَبَ اللهِ بِفِعْلِ الخَطَايا، وَارْتِكَابِ الذُّنُوبِ: مِنْ سَرِقَةٍ، وَخِيَانَةِ أَمَانَةٍ، وَغُلُولِ، وَقَتْلٍ، وَسَلْبٍ. فَكَانَ جَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً.

(55) من صد عن دين الله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015