وَكَمَا جَعَلْنَا فِي قَرْيَتِكَ أَكَابِرَ مِنَ المُجْرِمِينَ الذِينَ يَدْعُونَ إلَى الكُفْرِ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَيَدْعُونَ إلَى مُخَالَفَتِكَ وَمُعَادَاتِكَ. . كَذَلِكَ كَانَتِ الرُّسُلُ قَبْلَكَ يُبْتَلَوْنَ بِذَلِكَ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ. وَيَقُومُ هَؤُلاَءِ المُجْرِمُونَ بِالدَّعْوَةِ إلَى الضَّلالَةِ بِزُخْرُفٍ مِنَ القَوْلِ وَالفِعْلِ (يَمْكُرُونَ).

وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّهُمْ لاَ يَمْكُرُونَ إلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ، لأنَّ مَكْرَهُمْ يَعُودُ وَبَالاً عَلَيْهِمْ، لأَنَّ اللهَ يُهْلِكُهُمْ بِالعَذَابِ، وَيُبْطِلُ مَكْرَهُمْ، وَيَنْصُرُ رُسُلَهُ، وَلَكِنَّهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ بِأَنَّهُمْ يَمْكُرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ.

وَإِذَا جَاءَ أُولئِكَ المُشْرِكِينَ آيةٌ مِنَ القُرْآنِ تَتَضَمَّنُ صِدْقَ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ رَبِّهِ، مِنَ التَّوْحِيدِ وَالهُدَى، قَالُوا: لَنْ نَذْعَنَ لِلْحَقِّ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْنَا الوَحْيُ، كَمَا يَنْزِلُ عَلَى الرُّسُلِ.

وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى هَؤُلاَءِ قَائِلاً: الرِّسَالَةُ فَضْلٌ مِنَ اللهِ يَمُنُّ بِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لاَ يَنَالُهُ أَحَدٌ بِكَسْبٍ، وَلاَ يُعْطِيهِ اللهُ إِلاَّ مَنْ كَانَ أَهْلاً لَهُ. ثُمَّ يَتَوَعَّدُ اللهُ المُجْرِمِينَ المُتَكَبِّرِينَ عَنِ اتِّبَاعِ الرُّسُلِ، وَالانْقِيَادِ لَهُمْ فِيمَا جَاؤُوا بِهِ، بِأَنَّهُمْ سَيُصِيبُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ صَغَارٌ وَذِلَّهٌ دَائِمَيْنِ بَيْنَ يَدَي اللهِ، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى اسْتِكْبَارِهِمْ فِي الدُّنْيا، وَسَيَنَالُهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ فِي الآخِرَةِ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى مَكْرِهِمْ وَخَدِيعَتِهِمْ.

وقال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)} [الزخرف/78:74]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015