وَطَغَى فِرْعَونُ وَمَلَؤُهُ وَجُنُودَهُ في أَرْضِ مِصْرَ، وَتَجَبَّروا، وَأَكْثَروا فِيها الفَسَادَ، واعتَقَدُوا أَنَّهُ لا قِيَامَةَ وَلاَ حَشْرَ وَلاَ مَعَادَ، وَلاَ رَجْعَةَ إِلى اللهِ، وَلا حِسَابَ لَهُمْ عَلى عَمَلِهِم السَّيءِ، واعتِقادِهِم الفَاسِدِ.

فَجَمَعَ اللهُ تَعَالَى فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ، وأَغْرَقَهُمْ في البَحْرِ في صَبيحَةِ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أًحَداً. فانظُرْ أَيُّها المُعْتَبِرُ بالآيَاتِ كَيفَ كَانَ أَمرُ هؤلاءِ الذينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَهذِهِ هِيَ عَاقِبَةُ الكُفرِ والبَغْيِ والظُّلْمِ.

وَجَعَلَ اللهُ فِرْعَونَ وَقَوْمَهُ أَئِمَّةً، يَقْتَدِي بِهِمْ أهلُ العُتُوِّ والكُفْرِ والضَّلاَلِ، فَهُمْ يَبْحَثُونَ عَن الشُّرُورِ والمَعَاصِي، التي تُلقِي بِصَاحِبهِا في النَّارِ، وَكَذَلِكَ جَعَلَ اللهُ تَعَالى مَصِيرَ مَنْ يَتْبَعُهُمْ، وَيَقْتَدِي بِهِمْ في الكُفْرِ، وتَكْذِيبِ الرُّسُل مِثْل مَصيرِهِمْ في نَارِ جَهَنَّمَ، وَلا يَجِدُونَ أَحَداً يَنْصُرُهُمْ يومَ القِيَامَةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، فَيَجْتَمِعُ عَلَيِهِمْ خِزْيُ الدُّنيا، مُتَّصِلاً بِذُلِّ الآخِرَةِ.

وأَلْزَمَ اللهُ تَعَالَى فِرْعَونَ وَقَومَهُ في هذِهِ الدُّنيا خِزْياً وَطَرداً مِنْ رَحْمَتِهِ (لَعْنَةً)، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالبَوارِ والهَلاَكِ، وسُوء الأُحْدُوثَةِ، وسَيُتْبِعُهُمْ لَعنَةً أُخْرى يَومَ القِيَامَةِ، وَيُذِلُّهُم ويُخْزِيهِمْ خِزْياً دَائماً مُسْتَمِرّاً لا فكَاكَ لَهُمْ مِنْهُ.

(42) الأشقياء:

قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود/103 - 107]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015