وَتَرَى يَا مُحَمَّدُ كَثِيراً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَتَوَلَّوْنَ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ مُشْرِكِي العَرَبِ وَيُحَالِفُونَهُمْ عَلَيْكَ، وَيُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى قِتَالِكَ، وَأَنْتَ تُؤْمِنُ بِاللهِ، وَبِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَتَشْهَدُ لَهُمْ بِصِدْقِ الرِّسَالَةِ، وَأُولَئِكَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِكِتَابٍ وَلاَ رَسُولٍ، وَلاَ يَعْبُدُونَ اللهَ وَحْدَهُ، وَلَولا اتِّبَاعُ الهَوَى، وَتَزْيينُ الشَّيْطَانِ لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ، مَا فَعَلُوا ذَلِكَ، فَبِئْسَ مَا قَدَّمُوهُ لأَنْفُسِهِمْ فِي آخِرَتِهِمْ مِنَ الأَعْمَالِ التِي اسْتَوْجَبَتْ سَخَطَ اللهِ، وَعَظِيمَ غَضَبِهِ عَلَيْهِمْ، وَسَيُجْزَوْنَ عَلَى ذَلِكَ شَرَّ الجَزَاءِ، وَسَيُحِيطَ بِهُمُ العَذَابُ، وَلا يَجِدُونَ عَنْهُ مَصْرِفاً، وَيَخْلُدُونَ فِي النَّارِ أَبَداً.
وَلَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ اليَهُودُ، الذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الكَافِرِينَ مِنْ مُشْرِكِي العَرَبِ، يُؤْمِنُونَ بِالنَّبِيِّ الذِي يَدَّعُونَ اتِّبَاعَهُ (وَهُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ)، وَمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنَ الهُدَى وَالبَيِّنَاتِ، لَمَا اتَّخَذُوا أُولَئِكَ الكَافِرِينَ مِنْ عَابِدِي الأَوْثَانِ، أَوْلِياءً وَأَنْصَاراً، وَلَكَانَتْ عَقِيدَتُهُمْ الدِّينِيَّةُ صَدَّتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مُتَمَرِّدُونَ فِي النِّفَاقِ، خَارِجُونَ عَنْ حَظِيرَةِ الدِّينِ، وَلاَ يُرِيدُونَ إلاَّ الجَاهَ وَالرِّيَاسَةَ، وَيَسْعَوْنَ إلى تَحْصِيلِهِمَا بِأيَّةِ طَرِيقَةٍ كَانَتْ، وَبِأيَّةِ وَسِيلَةٍ قَدَرُوا عَلَيْها.
فقد ورد النكير الشديد على من لم ينهي عن المنكر في كتاب الله تعالى، والسنة الصحيحة طافحة بالحث على ذلك، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي بكر الصديق في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه.
(حديث أبي سفيان في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه من القوي و هو غير متعتع.