كَانَتْ دِيَارُ قَبِيلَةِ ثَمُودَ فِي أَرْضِ الحِجَازِ، فِي مَدَائِنِ صَالِحٍ، بَيْنَ تَبُوكَ وَالمَدِينَةِ. وَلَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ إِلَيْهِمْ صَالِحاً، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ مِنْهُمْ (أَخَاهُمْ)، فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَهُ جَمِيعُ الرُّسُلِ لأَقْوَامِهِمْ: اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَقَدْ جِئْتُكُمْ بِبُرْهَانٍ مِنَ اللهِ عَلَى صِدْقِ قَوْلِي لَكُمْ إِنَّنِي رَسُولُ اللهِ، وَعَلَى صِحَّةِ دَعْوَتِي، فَقَدْ طَلَبْتُمْ مِنِّي بُرْهَاناً عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِي، أنْ يُخْرِجَ اللهُ لَكُمْ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ عَيَّنْتُمُوهَا لِي بِذَاتِهَا، نَاقَةً عُشَرَاءَ فَدَعَوْتُ اللهَ فَاسْتَجَابَ لِي، وَأَخْرَجَ لَكُمُ النَّاقَةَ، وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ كَيْفَ تَخْرُجُ، وَقَدْ أَخَذْتُ عَلَيكُمُ العُهُودَ وَالمَوَاثِيقَ لَتُؤْمِنُنَّ بِاللهِ إِنْ حَقَّقَ اللهُ عَلَى يَدَيَّ مَا سَأَلْتُمْ، فَآمِنُوا بِاللهِ كَمَا وَعَدْتُمُونِي، وَذَرُوا النَّاقَةَ تَسْرَحُ فِي أَرْضِ اللهِ، وَتَأْكُلُ مِنْ رِزْقِهِ، وَلاَ تَتَعَرَّضُوا لَهَا بِسُوءٍ فِي نَفْسِهَا وَلاَ فِي أَكْلِها، وَأَنَا أُحَذِّرُكُمْ بِأَنَّكُمْ إِذَا اعْتَدَيْتُمْ عَلَيْهَا، وَمَسَسْتُمُوهَا بِسُوءٍ، فَإِنَّ اللهَ سَيُصِيبَكُمْ بِعَذَابٍ شَدِيد الإِيلاَمِ (وَكَانَتِ النَّاقَةُ تَسْرَحُ فِي الأَرْضِ، وَتَشْرَبُ مَاءَ البِئْرِ يَوْماً وَتَتْركُهُ لقومِ ثَمُودَ يَوْماً).
وَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ اسْتَخْلَفَكُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ عَادٍ، وَمَكَّنَكُمْ فِي الأَرْضِ، تَبْنُونَ القُصُورَ فِي سُهُولِهَا، وَتَنْحِتُونَ البُيُوتَ فِي جِبَالِها، فَاشْكُرُوا اللهَ عَلَى أَنْعُمِهِ وَأَفْضَالِهِ وَذلِكَ بِتَوْحِيدِهِ، وَإِفْرَادِهِ بِالعِبَادَةِ، وَلا تَتَصَرَّفُوا فِي الأَرْضِ تَصَرُّفَ كُفْرانٍ وَجُحُودٍ بِفِعْلٍ لاَ يُرْضِي اللهَ.
وَقَالَ رُؤُوسُ الكُفْرِ، مُتَهَكِّمِينَ سَاخِرِينَ، لِلْضُعَفَاءِ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَهُمُ الذِينَ آمَنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى صَالِحٍ: أَتَظُنُّونَ أَنْ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ حَقِيقَةً؟ فَرَدَّ المُؤْمِنُونَ المُسْتَضْعَفُونَ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ صَالِحٌ مِنْ رَبِّهِمْ.