أَلَمْ تَرَوْا يَا أَيُّها النَّاسُ أَنّ اللهَ تَعَالى سَخَّرَ لَكُمْ مَا في السَّمَاوَاتِ، مِنْ شَمْسٍ وَقَمَرٍ، وَكَوَاكِبَ تَسْتَضِيئُونَ بِهَا لَيلاً ونَهَاراً، وتَهْتَدُونَ بهَا في ظُلُمَاتِ البَرِّ والبَحْرِ، ومنْ سَحَابٍ ينزِلُ منهُ المَطََرُ لِتنبُتَ الأَرْضُ بالخُضْرَةِ وَالثِّمَارِ، وليَشْرَبَ منهُ الإِنسانُ والأَنعَامُ والمَخْلُوقَاتُ، وسَخَّرَ لَكُمْ ما في الأرضِ مِنْ نَباتٍ وحَيوانٍ وجَمَادٍ ومَعَادِنَ، لتَنتَفِعُوا بهِ، وأسْبَغَ عليكُمْ نِعَمَه، مَا ظهرَ مِنها لَكُم عِياناً، وما بَطَن مِنها، مِمذا يستُرُهُ اللهُ عَلى عبدِهِ من سَيِّئِ عَمَلِهِ، ومِمَّا يَسْتَشْعِرُونَهُ في أَنْفُسِهِمْ مِنْ حُسْنِ الإِيمَانِ وَحُسْنِ اليَقينِ، فإِنًَّ هُناكَ أناساً يُجَادِلُونَ فِي وُجُودِ اللهِ وَوَحدَانِيَّتِهِ، (كَالنَّضْرِ بِنْ الحَارِثِ وأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ. .) بِدُونِ عِلْمٍ، وَلاَ مَعْرِفَةٍ فيمَا يَقُولُونَ، وَبِدُونِ أَنْ يَسْتَنِدوا إِلى كِتابٍ مَأثُورٍ، أَوْ حُجَّةٍ صَحِيحةٍ.

وهؤلاءِ الذينَ يُجَادِلُونَ في اللهِ بغَيرِ عِلْمٍ، وَلاَ كِتابٍ، لا مَطْمَعَ فِي هِدَايَتِهم، فإِنَّهُمْ إِذا دُعُوا إِلى اتِّبَاعِ مَا أَنزَلَ اللهُ على رَسُولِهِ مِنْ شَرْعٍ وهُدى قَالُوا: إِنّهُم يُفَضِّلُونَ اتِّبَاعَ مَا وَجَدُوا عَليه آباءَهُمْ مِنْ دِينٍ، لأنَّ آباءَهُمْ، وَأَسْلافَهُمْ لاَ يَقَعُونَ جَميعاً فِي الخَطَأِ. ويَرُدُّ اللهُ تَعَالى عليهم قَائِلاً: أَيَتَّبِعُونَ آبَاءَهُمْ وأَسْلاَفَهُمْ حَتَّى وَلَو كَانُوا عَلَى خَطَأٍ وَضَلاَلٍ فيما يَعْبُدُونَ؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانُوا يَتَّبِعُونَ ما زَيَّنَتْ لَهُمْ الشَّياطِينُ؟ وَمَنِ اتَّبَعَ الشَّيطَانَ أَوْصَلَهُ إِلى نَارِ جَهَنَّمَ وَسَعِيرهَا.

(15) الذين جاءوا بالإفك:

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)} [النور:11]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015