قال تعالى: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)} [ص/59 - 63]
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالى عَنْ أَهْلِ النَّارِ، وَكَيْفَ يَتَنَكَّرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَكَيْفَ يَتَشَاتَمُونَ وَيَتَلاَعَنُونَ، وَيُكَذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَحِينَمَا يَرَى جَمَاعَةُ الكُبَرَاءِ، الذِينَ دَخَلُوا النَّارَ، فَوْجاً يَدْخُلُهَا مِنَ الأَتْبَاعِ الذِينَ يَعْرِفُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا فَوْجٌ مِنَ الكَفَرَةِ الضَّالينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ مَعَكُمْ، فَلاَ مَرْحَباً بِهِمْ، إِنَّهُمْ َسَيَذُوقُونَ عَذَابَ النَّارِ، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَهَا.
فَيَردُّ عَلَيْهِمُ الأَتْبَاعُ الدَّاخِلُونَ قَائِلِينَ لَهُمْ، وَقَدْ سَمِعُوا مَقَالَتَهُمْ: بَلْ أَنْتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ فَأَنْتُمْ الذِينَ أَضْلَلْتُمُونَا وَدَعَوْتُمُونَا إِلَى مَا أَفْضَى بِنَا إِلَى هَذَا
فَيَقُولُ الأَتباعُ دَاعِينَ عَلَى رُؤُوسِ الضَّلاَلَةِ: رَبَّنَا عَذِّبْ مَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي وُصُولِنَا إِلَى هَذَا العَذَابِ وأذِقْهُ عَذَاباً مُضَاعَفاً فِي النَّارِ: عَذَاباً لِضَلاَلِهِ، وَعَذَاباً آخَرَ لإِضْلاَلِهِ غَيْرَهُ.
ثُمَّ يَلْتَفِتُ أَهْلُ النَّارِ لِيَبْحَثُوا بِأنْظَارِهِمْ فِي النَّارِ عَنْ فُقَرَاءِ المُؤْمِنِينَ، وَضُعَفَائِهِمْ، الذِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَعُدُّونَهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ، فَلاَ يَرَوْنَهُمْ فِي النَّارِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لِمَاذَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ أَشْرَاراً فِي الدُّنْيَا، وَكُنَّا نَسْخَرُ مِنْ دَعْوَتِهِمْ إِيَّانَا إِلى الإِيْمَانِ؟ (وَهُمْ يَقْصِدُونَ فَقَرَاءَ المُؤْمِنِينَ).