وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، إِغْرَاءً لَهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى المُنْكَرِ، وَتَثْبِيطاً لِعَزَائِمِ الْمُؤْمِنِينَ: لاَ تَخْرُجُوا إِلَى الجِهَادِ فِي الحَرِّ. فَأَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: إِنَّ نَارَ جَهَنَّمَ الَّتِي سَيَصِيرُونَ إِلَيْهَا، هِيَ أَشَدُّ حَرّاً مِنْ قَيْظِ الصَّحْرَاءِ الذِي فَرُّوا مِنْهُ. وَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُدْرِكُونَ وَيَعْقِلُونَ لَمَا خَالَفُوا وَقَعَدُوا، وَلَمَا فَرِحُوا بِقُعُودِهِمْ.
وعن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى كَعْبِ الأَحْبَارِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُحَدِّثُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَجَلَسَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: وَيْحُك يَا كَعْبُ، خُوِّفْنَا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ النَّارَ لَتُقَرَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، حَتَّى إِذَا أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ، زَفَرَتْ زَفْرَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلاَ صِدِّيقٍ، وَلاَ شَهِيدٍ، إِلاَّ وَجَثَا لِرُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا، حَتَّى يَقُولَ كُلُّ نَبِيٍّ، وَكُلُّ صِدِّيقٍ، وَكُلُّ شَهِيدٍ: اللَّهُمَّ لاَ أُكَلِّفُك الْيَوْمَ إِلاَّ نَفْسِي، وَلَوْ كَانَ لَكَ يَابْنَ الْخَطَّابِ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا، لَظَنَنْت أَنْ لاَ تَنْجُوَ، قَالَ عُمَرُ: وَاللهِ إِنَّ الأَمْرَ لَشَدِيدٌ. (?)