يَقُولُ تَعَالَى: إنَّ أَكْثَر النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (الذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّبَعُوهُ)، هُمُ اليَهُودُ وَالمُشْرِكُونَ. وَإِنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مَوَدَّةً لِلْمُسْلِمِينَ هُمُ النَّصَارَى، الذِينَ قَالُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ إنَّهُمْ يُتَابِعُونَ المَسِيحَ عَلَى دِينِهِ، لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرِّقَّةِ وَالرَّأْفَةِ، وَلأَنَّ بَيْنَهُمْ قِسِّيسِينَ يَتَوَلَّوْنَ تَعْلِيمَهُمْ أَحْكَامَ الدِّينِ، وَيُبَصِّرُونَهُمْ بِمَا فِي دِينِهِمْ مِنْ سُمُوٍّ وَآدَابٍ وَفَضَائِلَ، وَلأَنَّ بَيْنَهُمْ رُهْبَاناً يَضْرِبُونَ لَهُمُ المَثَلَ فِي الزُّهْدِ وَالتَقَشُّفِ وَالإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيا وَزُخْرُفِهَا وَفِتْنَتِهَا، وَيُنَمُّونَ فِي نُفُوسِهِمُ الخَوْفَ مِنَ اللهِ، وَالانْقِطَاعَ لِلْعِبَادَةِ، وَإنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنِ الإِذْعَانِ لِلْحَقِّ، حِينَمَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ أنَّهُ حَقٌّ. (كَانَ اليَهُودُ وَالمُشْرِكُونَ يَشْتَرِكُونَ فِي بَعْضِ الصِفَاتِ التِي اقْتَضَتْ عَدَاوَتَهُمُ الشَّدِيدَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ: كَالكِبْرِ وَالعُتُوِّ وَالبَغْيِّ وَالأَثَرَةِ وَالقَسْوَةِ، وَضَعْفِ العَاطِفَةِ الإِنْسَانِيَّةِ (مِنْ حَنَانٍ وَرَحْمَةٍ) وَالعَصَبِيَّةِ القَوْمِيَّةِ. وَكَانَ مُشْرِكُو العَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ أَرَقَّ مِنَ اليَهُودِ قُلُوباً، وَأَعْظَمَ سَخَاءً وَإِيثَاراً، وَأَكْثَرَ حُرِّيَّةً فِي الفِكْرِ وَاسْتِقْلالاً فِي الرَّأْيِ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015