(عليه كتاب الله) أي الحد الذي حده الله في كتابه والسنة من الكتاب فيجب على المكلف إذا ارتكب ما يوجب لله حداً الستر على نفسه والتوبة فإن أقر عند حاكم أقيم عليه الحد أو التعزير، وعلم من الحديث أن من واقع شيئاً من المعاصي ينبغي أن يستتر وحينئذ فيمتنع التجسس عليه لأدائه إلى هتك الستر قال الغزالي: وحد الاستتار أن يغلق باب داره ويستتر بحيطانه قال فلا يجوز استراق السمع على داره ليسمع صوت الأوتار ولا الدخول عليه لرؤية المعصية إلا أن يظهر عليه ظهوراً يعرفه من هو خارج الدار كصوت آلة اللهو والسكارى ولا يجوز أن يستنشق ليدرك رائحة الخمر ولا أن يستخبر جيرانه ليخبروه بما جرى في داره وقد أنشد في معناه: لا تلتمس من مساوي الناس مستتراً * فيكشف الله سترا عن مساويكا واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا * ولا تعب أحداً منهم بما فيكا.
(6) أن يكون رأساً يقتدى به:
فهذا مدير مصنع .. أو مدير مدرسة أو كلية .. أو شخصية مشهورة .. ثم يبدأ في التدخين .. فيبدأ باقي المجموعة في التدخين مثله .. ثم بعدها يبدأ في تدخين المخدرات .. فيبدأ الآخرون يحذون حذوه.
هكذا فتاة قد تبدأ لبس البنطلون الضيق يتحول بعدها الموضوع إلى اتجاه عام.
وهكذا يكون الحال إذا كنت ممن يُقتدى بك .. فينطبق عليك قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، وهاك الحديث:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.
إن الصغائر تعظم .. وكم من صغيرة أدت بصاحبها إلى سوء الخاتمة .. والعياذ بالله.
فالمؤمن هو المعظم لجنايته يرى ذنبه ـ مهما صغر ـ كبيراً لأنه يراقب الله تعالى، لا ينظر إلى صِغَرِ المعصية بل ينظر إلى عِظَمِ من عصى .. كما أنه لا يحقرن من المعروف شيئاً لأنه يرى فيه منّه وفضله .. فيظل بين هاتين المنزلتين حتى ينخلع من قلبه استصغار الذنب واحتقار الطاعة .. فيقبل على ربّه الغفور الرحيم التواب المنان المنعم فيتوب إليه فينقشع عنه هذا الحجاب.