ما كان في الصحيحين أو أحدهما أكتفي بذلك، وما لم يكن في الصحيحين أو أحدهما أعزوه إلى صحيح السنن الأربعة إن كان موجوداً بها كلها، وإن كان موجوداً في بعضها فإنني أعزوه إلى كتابين فقط منهم وإن كان موجوداً في ثلاث، وإن كان موجوداً في كتاب واحد منهم أعزوه إليه، وهكذا تجدني أيها القارئ الكريم أُقَدِّمُ الكتبَ الستةَ على غيرها لأنها عماد طالب العلم في الحديث ـ بعد الله تعالى ـ، وما لم يكن في الكتب الستة فإنني أعزو الحديث إلى غيرها من الكتب الصحيحة مثل صحيح الجامع، صحيح الأدب المفرد، السلسلة الصحيحة، صحيح الترغيب والترهيب، صحيح السيرة النبوية، كما أنك تجدني أيها القارئ الكريم أحيل في تصحيح الحديث وتضعيفه على العلامةِ الضياءِ اللامعِ والنجم الساطع الشيخ الألباني رحمه الله، ونحن حينما نحيل على الشيخ الألباني فإننا ـ ولاشك ـ نُحِيْلُُ على مليٍّ لأنه كوكبُ نظائره وزهرةُ إخوانه في هذا الشأن في زماننا، هذا العالم الجليل الذي وسَّع دائرةَ الاستفادةِ من السنة بتقديمه مشروع (تقريب السنة بين يدي الأمة) ذلك المشروع الذي بذل فيه أكثر من أربعين سنة، ومن أراد أن يعرف هذه الفائدة العظيمة فلينظر على سبيل المثال إلى السنن الأربعة التي ظلَّت مئات السنين محدودة الفائدة جداً حيث كانت الاستفادة منها مقتصرة على من كان له باع في تصحيح الحديث وتضعيفه ولكن بعد تقديم الشيخ الألباني لصحيح السنن الأربعة اتسعت دائرة الاستفادة حتى تعم كل طالب أراد أن يستفيد، وهذا ولا شك فائدة عظيمة جداً عند من نور الله بصيرته وأراد الإنصاف، ومن المؤسف في زماننا هذا أن نرى بعض طلبة العلم ممن لا يقام لهم وزناً في العلم يتطاولون على الشيخ الألباني ويجترئون عليه ويترقبون له الهفوات ويتصيدون له الأخطاء ويلتمسون العثرات ليشهروا به، وهذا ـ ولا شك ـ يدل على فسادِ النية وسوء الطوية وسقامةِ الضمائر ولؤم السرائر ويدل كذلك على أن قلبه أخلى من جوف البعير، إذ لو تعلم العلم لَعَلِمَ أن من أدب العلم التوادَ فيه، ولقد كان ابن عباس – رضي الله عنهما ـ يأخذ بركاب زيد ابن ثابت ـ رضي الله عنه ... ـ ويقول هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء، وكان الشافعي رحمه الله يقول لعبد الله ابن الإمام أحمد: أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل يوم عند السحر، ولا أدري كيف سوَّلت لهم أنفسهم أن يتطاولوا على عالمٍ صاحب حديث رسول الله أكثر من نصف قرن؟!، أما كان يجب عليهم أن