وكنتُ في ذلك اليوم متعباً جدّاً، وكنتُ حريصاً على أن تكون نية إحرامي فوق الميقات بالضبط! لكنني لم أستطع ذلك ونمت! حتى مرَّت الطائرة على الميقات ولم أنو الإحرام!
فاستيقظتُ بعده بقليل وعلمتُ أننا مررنا على الميقات فسارعتُ إلى النية!
ثم قدَّر الله تعالى أن ألتقي بالشيخ رحمه الله في " العزيزية " بعد درس الظهر في أحد مساجدها، فتبعتُ الشيخ وكان وحده - تقريباً - فأخذتُ أشرح له ما حصل معي.
فقال الشيخ: كان الأصل أن تحرم حتى لو قبل الميقات بقليل، وقد نبهنا على ذلك للمسافرين بالطائرة.
فقلتُ: إنني أحببتُ أن أحرم من فوق الميقات بالضبط لظني أنه لا بدَّ من ذلك.
قال الشيخ: لا، الأمر بالنسبة للطائرة يختلف، ويجوز قبل الميقات بقليل للاحتياط ولعدم ضبط ذلك في الجو كما هو الأمر في البر.
فقلتُ للشيخ: وماذا عليَّ الآن؟
فقال الشيخ: عليك شاة تذبحها هنا وتوزعها على فقراء مكة!
قلت - ممازحاً الشيخ -: ألا يكفيني يا شيخ " سجود السهو "!! عن خطئي ذاك؟!!
فضحك الشيخ رحمه الله - وعرف أنني غير جاد بقولي ذاك - وقال: لا، سجود سهوك! أن تذبح شاة وتوزعها على فقراء مكة!
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته.
والشيخ رحمه الله يعد من نوادر العصر في هذا الأمر، فلو علمتَ مشاغله ومناصبه لقلتَ إن هذا يحتاج إلى ضعف وقت اليوم ليقوم بأعماله!
لكن الله تعالى وفق الشيخ وبارك في وقته، وكم سمعنا ساعته تصدر صوتاً في الوقت المعيَّن لانتهاء الدرس ليبدأ بعدها بالأسئلة!
وحياته عجيبة وهي مثال للمسلم الحريص على وقته، فهو يؤم المصلين ويدرس في المسجد ويدرس في الجامعة ويخطب الجمعة، ويجيب على أسئلة الناس على الهاتف ويلبي دعوة الناس في أفراحهم، ومناسباتهم، ويحضر في " الرياض " اجتماع " هيئة كبار العلماء " ويشرف على سكن الطلاب ويزورهم هناك ويجلس معهم، ويقوم بإلقاء المحاضرات على الهاتف، ويجيب على أسئلة المراسلين له الكتابيَّة، ويسجِّل حلقات في الإذاعة، هذا عدا عن قيامه بواجب أهله، ومناصحته لأهل المسئولية وغيرهم.
وعن برنامجه اليومي قال ابنه إبراهيم: