بخلاف خلف الوعد فإنها صفة ذم، والله عز وجل يتنزه عنها، بخلاف الوعيد فإنه يعتبر من باب التفضل والتكرم وإسقاط حق نفسه، وهذا هو مذهب السلف أهل السنة والجماعة. وما ذهب إليه المعتزلة من منع إخلاف الوعيد وزعمهم أنه من الكذب فهو إلى سوء الظن أقرب، وهو تحكم على الله عز وجل، والله تعالى يفعل ما يشاء.

وقد أجمل الطحاوي مذهب أهل السنة في كلامه الآتي: " وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين (?) وهم في مشيئته وحكمه إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله، كما ذكر عز وجل في كتابه: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (?) ، وإن شاء عذبهم في النار بعدله، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته، ثم يبعثهم إلى جنته، وذلك بأن الله تعالي تولى أهل معرفته ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته، الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا من ولايته (?) .

وهذه الشفاعة التي أشار إليها الطحاوي رحمه الله للمعتزلة فيها موقف مخالف لموقف أهل الحق.

وذلك أن المعتزلة لا ترى الشفاعة لأحد في الآخرة إلا للمؤمنين فقط دون الفساق من أهل القبلة، فلا شفاعة لأهل الكبائر، لأن إثبات ذلك يؤدي إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015