فرحه الاديب (صفحة 29)

وكان قيس بن عوف ترك ابنين: مورق بن قيس، وشهاب بن قيس، وكان اسم مورق عتيبة، وسمي مورقاً لأنه كانت حرب بين بني القعقاع بن معبد، وبين بني عبيد بن خزيمة بن زرارة، فرآه جده عوف بن القعقاع وفرسه تمرق به من الغبار، فقال: من صاحب هذا الفرس المورق؟ قيل: عتبة ابنك، فسمي مورقاً.

فحضرت شهاباً الوفاة، فقال لأخيه مورق: يا أخي، إني مت لئيماً، فمت كريماً. فخرج رجل من بني طهية يقال له: حكيم بن برق نحره حاجاً، فعرض له مورق بن قيس - وفد أكمن له رجلين معه - فقال مورق: يا عماه، إنا ركبٌ نزلنا مدفع هذا الوادي، وإنا اشتجرنا وليس بيننا ذو حجى يصلح بيننا، فلو ملت فأصلحت بين فرقة من المسلمين، فمضى معه. فلما هبط الوادي وثب عليه الرجلان فأناخا به، فأمسكاه، فضربه مورق فقتله، وأنشأ يقول:

ما أنا يوم الرقمتين بعاجز ... ولا السيف إذ أمضيته بكليل

فلا تجزعوا يا رهط أمي فإنني ... أبات قتيلاً منكم بقتيل

وما كنت ضفاطاً ولكن ثائراً ... أناخ قليلاً فوق ظهر سبيل

فلو تخبر الأصداء شيئاً لخبرت ... شهاباً بأني قد شفيت غليلي

؟ قال ابن السيرافي قال إمام بن أقرم النميري - وأنا أشك في أقرم هل هو بالراء أبو بالزاي -:

ولما أنا برزت إلى سلاحي ... وبشرى قلت: ما أنا بالفقير

طليق الله لم يمنن عليه ... أبو داود وابن أبي كثير

ولا جزءٌ ولا ابن أبي شريفٍ ... ولا مولى الأمير ولا الأمير

ولا الحجاج عيني بنت ماءٍ ... تقلب طرفها حذر الصقور

قال س: هذا موضع المثل:

قوم صدور العيس يا بن بشر

ذات اليمين من مغيب النسر

إياك والشك وضعف الأمر

إذا كان المفسر متشككاً، فكيف يكون حال المفسر له. ومن يكون مبلغه من معرفة الشعر هذا المبلغ، فإنه لا يتصدى لتفسير مثل هذا الشعر وذكر قائله.

والصواب أقرم بالراء غير المعجمة، ولم يفسر ابن السيرافي بشرى أيضاً، وهي أغرب ما في هذا الشعر، وهي فرس إمام بن أقرم النميري.

؟ قال ابن السيرافي قال نبيه بن الحجاج السهمي:

سالتاني الطلاق إذ رأتاني ... قل مالي، قد جئتماني بنكر

ويكأن من يكن له نشبٌ يحبب ... ومن يفتقر يعش عيش ضر

ولعلي سيكثر المال عندي ... ويعرى من المغارم ظهري

ويرى أعبدٌ لنا وإماءٌ ... ومناصيف من خوادم عشر

قال س: هذا موضع المثل:

ترك البدوء من العظام لأهلها ... وأحال ينقي مخة العرقوب

جهل ابن السيرافي قائل هذا الشعر، وهو من أخيار قريش، ونسب الشعر إلى نبيه بن الحجاج وهو من أشرارهم. وهذا الشعر لزيد بن نفيل، وأوله على النسق:

إن عرسي تنطقان لي اللو ... م على عمدٍ قول زورٍ وهجر

سالتاني الطلاق إذ رأتاني ... قل مالي قد جئتماني بنكر

خفضا لا لديكما غير الأم ... ر ولا بد للضريك بصبر

فلعلي أن يكثر المال عندي ... ويخلى من المغارم ظهري

ويرى أعبدٌ لنا وإماءٌ ... ومناصيف من ولائد عشر

فنجر الذيول في نعمة زو ... ل تقولان ضع عصاك لدهر

ويكأن من يكن له نشبٌ يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

ويجنب سر الأمور ولكن ... ن ذوي المال محضرو كل سر

؟ قال ابن السيرافي قال عبد الله بن رواحة:

لأن تبيت نائماً موسدا

تنازع الجلباب أو تلوي اليدا

أهون من سوقك حتى تنجدا

لم يكن ابن السيرافي ممن أتقن علم الرجز واستقراه، وذلك أنه لم يأت بهذه الأبيات متوالية على قلتها. والصواب:

يا زيد زيد اليعملات الذبل

وزيد داوي الفلاة المجهل

تطاول الليل هديت فانزل

فانقض زيدٌ كانقضاض الأجدل

وهو زيد بن الأرقم الأنصاري، قاله في توجه جيش المسلمين إلى مؤتة.

؟ قال ابن السيرافي قال حسان:

لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

قال س: هذا موضع المثل: لا دواء لمن ليس له حياء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015