ودوّى صراخ عدو الله من ألم الطعنة وهول الصدمة. . . فانطلق سالم مبتعداً عنه بينما هرع إليه نفر من قومه منجدين، فما أدركوه الا جثة هامدة. . .
والتف القوم حول الرجل الهالك، ونظر كل منهم الى الآخر كأنما يسأل ما العمل؟ وطال حديث العيون وصمت الألسنة الى أن قال واحد منهم: من قتل أبا عفك؟ ولما لم يتلق جواباً من أحد قال: والله لو نعلم من قتله لقتلناه به. . .
وسمعت قالة الرجل المتوعد امرأة مسلمة كانت تقف معهم وتنظر الى عدو الله السابح بدمه، فردت على المتوعد ساخرة بوعيده. . . لقد كان يعلم أن قاتله من المسلمين ولكنه يجبن عنه وعن التصدي له، فقالت تخاطب المتوعد بمخاطبة القتيل:
حباك حنيف آخر الليل طعنة أبا عفك، خذها على كبر السن!
وعلم الناس أن سالم بن عمير قد قتل أبا عفك، فسر ذلك المسلمين وحفظوه له، وساء ذلك المشركين والمنافقين واليهود وودوا لو قتلوه به، ولكن الخوف من المسلمين كان قد تمكن من قلوبهم والهيبة منهم كانت قد ملأت عيونهم. . . فتركوه يمشي بينهم يزيد في غيظهم فتغلي أحقادهم في صدورهم.
تمكن الايمان من قلب سالم بن عمير فأحب الجهاد في سبيل الله، وكذلك هو الايمان اذا تمكن من قلب حبب اليه الجهاد في سبيل الله، فكان حريصاً على أن يكون الى جانب رسول الله في كل غزاة بغزوها ومعركة يخوضها، فحضر بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها. . .