أولئك المسلمين ليعلم أمرهم ويأتي بما عندهم، فاحتال عمرو لنفسه حتى دخل انطاكية واتصل بالمسلمين فيها، وعلم منها ما اراد، وعاد إلى أبي عبيدة بالأخبار.
ويحلو للواقدي صاحب فتوح الشام أن يطلق على عمرو بن أمية لقب " ساعي رسول الله "، وذلك لما لاحظه من كثرة استخدام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو في توصيل رسائله إلى الملوك والأمراء وسائر العرب، وقد ذكر الواقدي أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – استعمل أبا أمية في خلافته للغرض نفسه، فأرسله برسالة إلى عمرو بن العاص يحثه على المسير إلى مصر. .
* *
وكما تحن الأم إلى أولادها كان الصحابة رضوان الله عليهم يحنون إلى المدينة لمقام رسول الله فيها ولذكرياتهم التي خلفوها هناك.
وأحس عمرو بهذا الحنين، فارتحل من الشام واستقر بالمدينة، ولم ينشب أن مات فيها وعمره ستون سنة.
رحمه الله، ورضي عنه، وجعل في المسلمين مثله رجالاً يمتلئون اخلاصاً وتضحية للدين الحنيف.