أما الضار منها وهو الانحطاط الخلقي ونبذ التعاليم السماوية وعدم الاستنارة بأنوارها فيجب علينا أن ننتبه إلى أنه شر محض لا تخالطه شائبة خير؛ لأنه ليس فيه إلا إضاعة الشرف والمروءة والتمرد على نظام خالق السموات والأرض -جل وعلا- من غير فائدة دنيوية، ومن ذلك: الموضة الجديدة والأزياء المزرية فإنها وإن سموها حضارة وتقدمًا ورقيًّا وحرية فهي في الحقيقة إهدار للفضيلة وإماتة للشرف والصيانة والعفاف والكرامة، فلا تغتروا وفقكم الله بتلك الشعارات الزائفة التي تحمل في طياتها كل سوء مضاد للإنسانية بمعناها الصحيح، ومضاد لمكارم الأخلاق والشرف والفضيلة، ومضاد أيضًا للتعاليم السماوية المتضمنة الآداب الكريمة ومكارم الأخلاق والسير على أحسن المناهج والعادات، ولا يخفى عليكم أن العرب كانوا يغارون على نسائهم ولا يرضون بابتذالهن، وكانوا يرون أن عفاف النساء وصيانتهن وعدم تدنسهن بالريبة من أكبر الأسباب في نجابة الأولاد ونبلهم وعلو شأنهم وشجاعتهم، ومن ذلك قول جرير يمدح بني قيس عيلان بن مضر:
فلا تأمنن الحي قيسًا فإنهم ... بنو محصنات لم تدنس جحورها
ولما كان صخر أخو الخنساء يشاطرها ماله كل سنة، ولامته امرأته ونهته عن إعطائه إياها خير ماله لأن زوجها متلاف قال لها صخر:
وكيف لا أمنحها خيارها ... وهي حَصَانٌ قد كفتني عارها
وأمثال هذا كثير، ومرادنا التمثيل ليعلم به أن من طبيعة العرب الغيرة على الحريم وعدم الدياثة، وضمائرهم حية وطبائعهم أبية لا