قال صاحب "مراقي السعود" في بحث تعميم العلة حكمها تارة وتخصيصها إياه تارة في مبحث القياس الأصولي المعروف بقياس التمثيل وقياس الفقهاء في كلامه على العلة:
وقد تُخصِّص وقد تعمِّم ... لأصلها لكنها لا تَخْرِم
وقال في "نشر البنود شرح مراقي السعود" في شرحه لقوله: "وقد تعمم لأصلها". ما نصه: "يعني أن العلة يجوز أن تعود على أصلها الذي استنبطت منه بالتعميم أي جعله عامًّا اتفاقًا، كحديث "الصحيحين": "لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان"، بتشويش الفكر فإنه يشمل غير الغضب، إذ يعني أن العلة عممت حكمها فلا يجوز للقاضي أن يحكم في حال عطش وجوع مفرطَيْن أو حزن وسرور مفرطَين أو حقن وحقب مفرطَين.
والحقن: مدافعة البول، والحقب: مدافعة الغائط؛ لأن كل ذلك مشوش للفكر مانع من استيفاء النظر في دعاوي الخصمين والحكم بينهما، فعمم التعليل بالغضب الحكم بمنعه في كل حال مشوشة للفكر مانعة من استيفاء النظر. وبه يتضح أن قوله تعالى: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} يقتضي عموم الحكم في جميع النساء، وإن كانت الآية الكريمة نازلة في خصوص أزواجه - صلى الله عليه وسلم -. ويؤيد ما ذكرنا من تعميم الحكم أن الخطاب لواحد يشمل حكمه جميع الأمة إلا بدليل خاص، وهو على المقرر في أصول المذهب الحنبلي يكون خطاب الواحد بنفسه صيغة عموم مقتضية عموم الحكم في جميع المكلفين، وغير