السائب، عن مجاهد، قال: كان جبريل بين بنى إسرائيل وبين آل فرعون، فجعل يقول لبنى إسرائيل: ليلحق آخركم بأوّلكم، ويستقبل آل فرعون فيقول: رويدكم ليلحقكم آخركم، فقالت بنو إسرائيل: ما رأينا سائقا «1» أحسن سياقا «2» من هذا. وقال آل فرعون:
ما رأينا وازعا أحسن زعة من هذا، فلما انتهى موسى وبنو إسرائيل إلى البحر، قال مؤمن آل فرعون: يا نبىّ الله، أين أمرت، هذا البحر أمامك وقد غشينا آل فرعون، فقال: أمرت بالبحر، فأقحم مؤمن آل فرعون فرسه فردّه التيّار فقال: يا نبىّ الله، أين أمرت؟ فقال:
بالبحر، قال: فأقحم أيضا فرسه فردّه التيّار، فجعل موسى عليه السلام لا يدرى كيف يصنع، وكان الله عزّ وجلّ قد أوحى إلى البحر أن أطع موسى، وآية «3» ذاك إذا ضربك بعصاه.
قال ثم رجع إلى حديث أسد، عن خالد، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، قال: وخرج فرعون ومقدّمته خمسمائة ألف سوى المجنّبتين والقلب.
(* قال خالد: وحدثنا أبو سعيد، عن عكرمة قال: لم يخرج مع فرعون من زاد على أربعين سنة ومن دون العشرين، وذاك قوله تبارك وتعالى: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ
«4» يعنى استخفّ قومه فى طلب موسى.
قال: وحدثنا أسد عن إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: خرج موسى ببنى إسرائيل، فلما أصبح فرعون أمر بشاة فأتى بها فأمر بها تذبح، ثم قال: لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندى خمسمائة ألف فارس من القبط فاجتمعوا إليه، فقال لهم فرعون: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ «5»
وكان أصحاب موسى ستّمائة ألف وسبعين ألفا. قال: فسلك موسى وأصحابه طريقا يابسا فى البحر، فلما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل آخر أصحاب فرعون اضطرم عليهم البحر، فما رئى سواد أكثر من يومئذ.
قال: وغرق فرعون فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا اليه*) .