فقالوا: ليس عندنا، فأرسلت عليهم الماء فغرقتها «1» ، فصارت بحيرة يصاد فيها الحيتان حتّى استخرجها بنو العبّاس. فسدّوا جسورها وزرعوا فيها.
ذكر نزول القبط بمصر وسكناهم بها
(2 حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهعة، عن عيّاش بن عبّاس القتبانىّ، عن حنش بن عبد الله الصنعانىّ، عن عبد الله بن عبّاس، قال: كان لنوح- عليه السلام- أربعة من الولد: سام بن نوح، وحام بن نوح، ويافث بن نوح، ويحطون بن نوح: وإن نوحا عليه السلام رغب إلى الله عزّ وجلّ، وسأله أن يرزقه الاجابة فى ولده وذرّيّته حين تكاملوا بالنماء والبركة، فوعده ذلك، فنادى نوح ولده وهم نيام عند السحر، فنادى ساما فأجابه يسعى، وصاح سام فى ولده فلم يجبه أحد منهم إلّا ابنه أرفخشذ، فانطلق به معه حتّى أتياه، فوضع نوح يمينه على سام، وشماله على أرفخشذ بن سام، وسأل الله عزّ وجلّ أن يبارك فى سام أفضل البركة، وأن يجعل الملك والنبوّة فى ولد أرفخشذ 2) .
ثم نادى حاما فتلفّت يمينا وشمالا ولم يجبه، ولم يقم إليه هو ولا أحد من ولده، فدعا الله عزّ وجلّ نوح أن يجعل ولده أذلاء، وأن يجعلهم عبيدا لولد سام.
قال: وكان مصر بن يبصر بن حام نائما إلى جنب جدّه حام، فلمّا سمع دعاء نوح على جدّه وولده، قام يسعى إلى نوح فقال: يا جدّى، قد أجبتك، إن لم يجبك أبى، ولا أحد من ولده، فاجعل لى دعوة من دعوتك «3» . ففرح نوح عليه السلام، ووضع يده على رأسه، وقال: اللهمّ إنه قد أجاب دعوتى؛ فبارك فيه وفى ذرّيّته وأسكنه الأرض المباركة، التى هى أمّ البلاد، وغوث العباد، التى نهرها أفضل أنهار الدنيا، واجعل فيها أفضل البركات، وسخّر له ولولده الأرض، وذلّلها لهم، وقوّهم عليها*) .
قال ثم دعا ابنه يافث، فلم يجبه هو ولا أحد من ولده، فدعا الله عزّ وجلّ عليهم أن يجعلهم شرار الخلق.