قال: نعم. فأدخل عمر يده فى الثريد، فملأها ثريدا، ثم ناولها عمرو بن العاص، فقال:
خذ هذا. فجلس عمرو وجعل الثريد فى يده اليسرى ويأكل باليمنى، ووفد أهل مصر ينظرون إليه، فلما خرجوا قال الوفد لعمرو: أىّ شىء صنعت؟ فقال عمرو: إنه والله لقد علم أنى بما قدمت به من مصر لغنى عن الثريد الذي ناولنى، ولكنه أراد أن يختبرنى، فلو لم أقبلها للقيت منه شرّا.
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل، قال:
دخل عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب وقد صبغ «1» رأسه ولحيته بسواد، فقال عمر: من أنت؟ قال: أنا عمرو بن العاص. قال «2» عمر: عهدى بك شيخا وأنت اليوم شاب، عزمت عليك إلّا ما خرجت فغسلت هذا «3» .
حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، قال:
قدم عمرو بن العاص من مصر مرّة على عمر، فوافاه على المنبر يوم الجمعة، فقال: هذا عمرو بن العاص قد أتاكم، ما ينبغى لعمرو أن يمشى على الأرض إلّا أميرا «4» .
حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، أن عمر رضى الله عنه قال: ما ينبغى لعمرو أن يمشى على الأرض إلّا أميرا. قال الليث، وقال عمرو بن العاص: ما كنت بشىء أتجر منّى بالحرب.
ذكر وفاة عمرو بن العاص
قال ثم توفّى عمرو بن العاص فى سنة ثلاث، وأربعين. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: توفّى عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعين، وفيها أمرّ عتبة بن أبى سفيان على أهل مصر، وفيها غزا شريك بن سمّى لبدة المغرب.
قال: حدثنا أسد بن موسى، وعبد الله بن صالح قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لمّا حضرته الوفاة دمعت عيناه، فقال عبد الله بن عمرو: يا أبا عبد الله، أجزع من الموت يحملك على هذا؟ قال: