عمّالى ليعلّموكم دينكم ويعلّموكم سننكم «1» ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم ولا يأخذوا «2» أموالكم، ألا فمن أتى إليه شىء من ذلك فليرفعه إلىّ، فوالذى نفس عمر بيده لأقصّنّه منه.
فقام عمرو بن العاص فقال: أرأيت يا أمير المؤمنين إن عتب عامل من عمّالك على بعض رعيّته فأدّب رجلا من رعّيته إنك لمقصّه منه؟ قال: نعم، والذي نفس عمر بيده لأقصّنّه منه، ألا أقصّه وقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلّوهم ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تجمّروا بهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعّوهم.
فأتى رجل من أهل مصر كما حدّثنا عن أبى عبدة، عن ثابت البنانىّ وحميد، عن أنس إلى عمر بن الخطّاب فقال: يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم، قال: عذت معاذا، قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربنى بالسّوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ويقدم بابنه معه، فقدم، فقال عمر: أين المصرىّ؟ خذ السوط فاضرب، فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الألأمين، قال أنس: فضرب فوالله لقد ضربه ونحن نحبّ ضربه فما أقلع عنه حتى تمنّينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصرىّ: ضع على ضلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما ابنه الذي ضربنى وقد اشتفيت «3» منه، فقال عمر لعمرو: مذ كم تعبّدتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارا؟ قال يا أمير المؤمنين، لم أعلم ولم يأتنى.
حدثنى عبد الله بن صالح، حدثنى الليث بن سعد، عن نافع مولى ابن عمر، أن صبيغا العراقى جعل يسأل عن أشياء من القرآن فى أجناد «4» المسلمين حتى قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه، قال:
أين الرجل؟ قال: فى الرحل، فقال عمر: ابصر «5» أن يكون ذهب فتصيبك منى العقوبة