فإن قلت: الأمر في نصب (إذا) معضل: لأنك لا تخلو إما أن تجعل الواوات عاطفةً فتنصب بها وتجر، فتقع في العطف على عاملين في نحو قولك: مررت أمس بزيد، واليوم عمرو. وإما أن تجعلهن للقسم، فتقع فيما اتفق الخليل وسيبويه على استكراهه.

قلت: الجواب فيه أن واو القسم مطرح معها إبراز الفعل إطراحًا كليًا، فكان لها شأن خلاف شأن الباء، حيث أبرز معها الفعل وأضمر، فكانت الواو قائمةً مقام الفعل والباء سادّةً مسدهما معًا، والواوات العواطف نوائب عن هذه الواو، فحققن أن يكون عوامل على الفعل والجار جميعًا، كما تقول: ضرب زيد عمرًا، وبكر خالدًا؛ فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما. .........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا}، وبين قوله: {وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}، فلما حسن جعل الليل يغشى الشمس، يحسن أن النهار يجليها. وقال القفال: وهذه الأقسام الأربعة دائرة مع الشمس بحسب أوصافها".

قوله: (مررت أمس بزيد)، أمس: منصوب بـ "مررت"، وزيد: مجرور بالباء؛ فإذا قلت: واليوم عمرو، فقد نصبت اليوم، وجررت عمراً بالواو، وقد جعلت هذه الواو نائبة عن "مررت" وعن الباء. ولا يجوز جعل الضعيف نائباً عن قويين.

قوله: (على استكراهه)، قال صاحب "المطلع": "يعني أن الخليل وسيبويه استقرءا كلام العرب، فعلما أن لا بد لكل قسم من مُقسَم عليه، لأنه هو المطلوب بالقسم؛ فلو زعمت أن الكل قَسم، فقد جئت بأقسام كثيرة ليس لكل واحد مقسم عليه على حدة. وقد سبق القول فيه في فواتح البقرة مشبعاً".

قوله: (أن واو القسم مطرح معها إبراز الفعل)، وعن بعضهم: الأصل: أقسمت بالله؛ فهاهنا تصير الواو نائباً عن الفعل المضمر في "إذا"، ونائباً عن الباء في "الليل"، وإنما لم يجز إظهار الفعل مع الواو، لأن الباء تلصق كل شيء، والواو لا تلصق إلا فعل القسم، فطلباً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015