ولا يوثق بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه؛ لتناهيه في كفره وعناده، أو لا يحمل عذاب الإنسان أحد، كقوله: (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)] الإسراء: 15 [. وقرئ: بالكسر، والضمير لله تعالى؛ أي: لا يتولى عذاب الله أحد؛ لأنّ الأمر لله وحده في ذلك اليوم، أو للإنسان؛ أي: لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه.
[(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي)] 27 - 30 [.
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ) على إرادة القول، أي: يقول الله للمؤمن: (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ) إمّا أن يكلمه إكرامًا له كما كلم موسى صلوات الله عليه، أو على لسان ملك. و (الْمُطْمَئِنَّةُ) الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن، وهي النفس المؤمنة أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها ثلج اليقين فلا يخالجها شك، ويشهد للتفسير الأوّل، قراءة أبىّ بن كعب: (يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ثلج اليقين)، الأساس: "ومن المجاز: ثُلج فؤاده وثَلجت فؤاده بالخير، والحمد لله على بلج الحق وثلج اليقين". يريد: أن في قلق الشك واضطراب القلق سُخونة، وفي ضده برودة.
قوله: (ويشهد للتفسير الأول قراءة أُبي بن كعب)، وقلت: النظم أيضاً يساعد عليه، لأن في قوله {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}، إشعاراً بأن النفس الأمارة بالسوء، تصير حينئذ لوامة، لقوله: {يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، قال:
وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل
فحكمه أن لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد، وحكم النفس المطمئنة حينئذ