وقيل: تخلق فها رائحة الكافور وبياضه وبرده، فكأنها مزجت بالكافور. و (عَيْنًا) على هذين القولين: بدل من محل (مِن كَاسٍ) على تقدير حذف مضاف، كأنه قيل: يشربون فيها خمراً خمر عين، أو نصب على الاختصاص.
فإن قلت: لم وصل فعل الشرب بحرف الابتداء أولا، وبحرف الإلصاق آخراً؟
قلت: لأن الكأس مبدأ شربهم وأول غايته؛ وأما العين فبها يمزجون شرابهم، فكان المعنى: يشرب عباد الله بها الخمر، كما تقول: شربت الماء بالعسل. (يُفَجِّرُونَهَا) يجرونها حيث شاؤوا من منازلهم (تَفْجِيرًا) سهلاً لا يمتنع عليهم. (يُوفُونَ) جواب من عسى يقول: ما لهم يرزقون ذلك؟ .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراغب: "الكأس: الإناء بما فيه من الشراب، يُسمى كل واحد منهما بانفراده: كأساً. يُقال: كأس خال، ويقال: شربت كأساً، وكأس طيبة يعني بها الشراب، قال تعالى: {وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ} [الواقعة: 18] ".
قوله: (و {عَيْنًا} على هذين القولين)، أي: على أن لا يكون {كَافُورًا} اسم عين، بل تكون الخمر قد مُزجت بالكافور، أو خُلق في الخمر رائحته.
فإن قلت: فما الفرق بين الإبدالين؟ قلت: على الأول: {كَافُورًا} علم للعين، فلا يُعتبر فيه معنى هذا الطيب المخصوص، فيصح إبدال {عَيْنًا} من {كَافُورًا}. وعلى الثاني: هذا الطيب منظور فيه، فلا يصح إبداله منه، بل من محل {مِن كَأْسٍ}، ولما كان المراد بالكأس الخمر، وجب أن يُقدر في البدل مُضاف، بأن يقال: خمر عين، ليصح الإبدال.
قوله: (لأن الكأس مبدأ شُربهم)، الانتصاف: "هذا على القول الأول مُستقيم. أما على أن العين بدل من الكأس، إما لاشتمالها على أوصافه، وهو الكافور المعهود، فلا يتم الجواب بذلك". يريد أن "كأساً" {عَيْنًا} هما مُتحدان حينئذ، فلا يصدق قوله: "لأن الكأس مبدأ