(تَقَلُّبَ وَجْهِكَ): تردد وجهك، وتصرف نظرك في جهة السماء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوقع من ربه أن يحوله إلى الكعبة؛ لأنها قِبلة أبيه إبراهيم، وأدعى للعرب إلى الإيمان؛ لأنها مفخرتهم ومزارهم ومطافهم؛ ولمخالفة اليهود، فكان يراعي نزول جبريل عليه السلام والوحي بالتحويل. (فَلَنُوَلِيَنَّكَ): فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها، من قولك: وليته كذا؛ إذا جعلته والياً له؛ أو: فلنجعلنك تلي سمتها دون سمت بيت المقدس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولمخالفة اليهود): عطف على: (لأنها قبلة أبيه).

قوله: (فكان يراعي نزول جبريل [عليه السلام] والوحي بالتحويل)، قال القاضي: وذلك يدل على كمال أدبه حيث انتظر ولم يسأل.

قوله: (أو: فلنجعلنك تلي سمتها)، الأساس: السمت: النحو والطريق، وسامته مسامتة وتسمته: تعهده وقصد نحوه.

هذا الوجه وإن كان موافقاً لقوله: (فَوَلِّ) لكن الأول أقضى لحق ما يستدعيه قوله: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) ليؤذن أن الله تعالى يسارع في رضاه ويملكه ما يتمناه، كما قالت عائشة رضي الله عنها: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك، الحديث، أخرجه الشيخان وغيرهما.

قال القاضي: خص الرسول صلى الله عليه وسلم بالخطاب تعظيماً له وإيجاباً لرغبته، ثم عم تصريحاً بعموم الحكم وتأكيداً لأمر القبلة، وتحضيضاً للأمة على المتابعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015