فقرأ قوله: (إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ)، ثم قال: وعلي منهم، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختنه على ابنته، وأقرب الناس إليه، وأحبهم. وقرئ: (إلا ليعلم) على البناء للمفعول. ومعنى العلم: المعرفة.
ويجوز أن تكون (مَن) متضمنة لمعنى الاستفهام معلقاً عنها العلم، كقولك: علمت أزيد في الدار أم عمرو؟ وقرأ ابن أبي إسحاق: (على عقبيه) بسكون القاف، وقرأ اليزيدي: (لكبيرة) بالرفع، ووجهها: أن يكون "كان" مزيدة، كما في قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليك تسب علياً عند المنبر، فقال: أقول ماذا؟ قال: تقول: أبا تراب، فقال: والله ما سماه بذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على فاطمة رضي الله عنها، فقال: "أين ابن عمك؟ " فقالت: هو ذاك مضطجع في صحن المسجد، فوجده قد سقط رداؤه عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول: "اجلس أبا تراب"، فوالله ما سماه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما كان اسم أحب إليه منه"، وأخرجه البخاري أيضاً مع تغيير يسير.
قوله: (وعلي منهم)، أي: هو من جملتهم وداخل تحت امتحان الله تعالى بقوله: (إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)، وهو من الذين اتبع الرسول وممن هداه الله، أي: الثابتين على الإيمان؛ لأن الناس عند نزول هذه الآيات بين التابع والناكص، ولا ارتياب أنه من التابع.
قوله: (ويجوز أن تكون (مَنْ) متضمنة لمعنى الاستفهام)، قيل: هو معطوف على قوله: "ومعنى العلم المعرفة" أي: لا يكون من أفعال القلوب، بل تكون (مَن): موصولة و (يَتَّبِعُ): صلته، يدل عليه قوله فيما سبق: "ليعلم الثابت على الإسلام الصادق فيه".