أي: لن أجد من دونه منجى إلا أن أبلغ عنه ما أرسلني به. وقيل: (إلاَّ) هي (إن لا) ومعناه: إن لا أبلغ بلاغاً كقولك: إن لا قياماً فقعوداً. (ورِسَالاتِهِ) عطف على (بَلاغًا)، وكأنه قيل: لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالات. والمعنى: إلا أن أبلغ عن الله فأقول: قال الله كذا، ناسباً لقوله إليه، وأن أبلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان.

فإن قلت: ألا يقال: بلغ عنه، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «بلغوا عني بلغوا عني»؟

قلت: «من» ليست بصلة للتبليغ، إنما هي بمنزلة «من» في قوله: (بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ) [التوبة: 1]، بمعنى بلاغاً كائناً من الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (إن لا قياماً)، حذف الفعل بعد "إنْ" الشرطية الداخلة على "لا" النافية، وأقام المصدر مقامه، والمعنى: إني لن يجيرني من الله، أن لا أُبلغ بلاغاً، وأن لا أبلغ رسالاته. ومعنى قوله: إن لا قياماً فقعوداً: إن لم تَقُم قياماً فاقعد قعوداً.

قوله: (وأن أُبلِّغ رسالاتِه)، إنما قدَّر: أن أبلغ، لكونه معطوفاً على مصدر "أُبَلِّغ" المضمر، فيدل الأول على إيجاد التبليغ على التأكيد، ولهذا قال: "فأقول الله كذا، ناسياً القول إليه". ةالثاني على تبليغ أشياء واجبة الإرسال، ومن ثم قال: "أن أبلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نُقصان". وهذا من باب العطف على التقدير لا الانسحاب، لما يلزم منه عطف المفعول به على المفعول المطلق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015