وكذلك قوله: (بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) يجوز أن يكون على: بل اتبعوا أنتم ملة إبراهيم أو كونوا أهل ملته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الراغب: الحنف هو: ميل عن الضلال إلى الاستقامة، والجنف: الميل عن الاستقامة إلى الضلال، والحنيف هو المائل إلى ذلك، وتحنف فلان، أي: تحرى طريق الاستقامة، وسمت العرب كل من اختتن أو حج حنيفاً، تنبيهاً على أنه على دين إبراهيم عليه السلام، والأحنف: من في رجله ميل، قيل: سمي بذلك على التفاؤل، وقيل: بل استعير للميل المجرد.

قوله: (وكذلك قوله: (بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ)، أي: قوله: (بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ)، يجوز أن يكون على هذين الوجهين، أما كونه خطاباً للمؤمنين فكما سبق تقريره: بل نكون ملة إبراهيم، أي: أهل ملته، أو: بل نتبع ملة إبراهيم، أما كونه خطاباً للكافرين فكما قدره: بل اتبعوا أنتم ملة إبراهيم، أو: كونوا أهل ملته، فنظم الآيات على هذين التقديرين أن يقال: إن اليهود والنصارى لما قالوا: (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا)، وفي "قالوا" ضمير الفريقين على سبيل اللف، بدليل النشر، وهو قوله: (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى).

وقدر الزجاج: قالت اليهود: كونوا هوداً، وقالت النصارى: كونوا نصارى، فـ "أو": للتنويع، أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلوات الله عليه أن يرد على الفريقين مقالهم ويضرب عن محالهم بقوله: (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)، فحينئذ إما أن يسوق الكلام معهم مخاطباً إياهم: لا تكونوا هوداً أو نصارى، بل كونوا أهل ملة إبراهيم، أو: لا تتبعوا اليهودية والنصرانية، بل اتبعوا ملة إبراهيم. ويؤيد ذلك بما عقبه من قوله: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا) الآيتين، وإما أن يضرب عنهم صفحاً، ويلتفت إلى المؤمنين قائلاً: قولوا: ما نكون منكم بل نكون أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015