[(وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ 135).

(بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) بل نكون ملة إبراهيم، أي: أهل ملته كقول عدي بن حاتم: إني من دين. يريد: من أهل دين. وقيل: بل نتبع ملة إبراهيم. وقرئ: (ملة إبراهيم) بالرفع، أي: ملته ملتنا، أو: أمرنا ملته، أو نحن ملته، بمعنى: أهل ملته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عملوا فضلاً عن أن يؤخذوا بما كسبوا، وإلى اختصاص النفي بهم للتعريض بأن الأنبياء يسألون عنهم سؤال توبيخ وإهانة، كقوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ) [المائدة: 109]، أشار بقوله: هو سؤال توبيخ لقومهم، كما كان سؤال الموءودة توبيخاً للوائد، ومنه قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) [المائدة: 116]، وللاعتناء بشأن هذا المعنى كررت الآية، وختمت بها القصة وجعلت ذريعة إلى الشروع في مشرع آخر من الكلام، والله أعلم.

قوله: (أي: ملته ملتنا، أو: أمرنا ملته) فإن قلت: إذا قدر "ملتنا"، حكم بأن "ملته": مبتدأ، وإذا قدر "أمرنا" حكم بأن "ملته": خبر، فلم لا يجوز العكس فيهما.

قلت: لا يقدم فيما نحن فيه ما يقدم بسلامة الأمر، لأن الجملة مثبتة للحكم بعد الإضراب عما يخالفها، فإنهم قالوا للمسلمين: (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا)، فإنك إذا قدرت: ملته. ملتنا، تصورت أنهم زعموا أن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً، وقالوا: اتبعوا ملتنا حتى تكونوا على ملة إبراهيم، ويدل عليه تعقيبه بقوله: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) [آل عمران: 67]، وإذا قدرت: أمرنا ملته، تصورت أنهم زعموا أن دين الحق دين اليهودية أو النصرانية، وقالوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015