وقيل: خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه.
الأمر الذي يحدثه الله: أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها، والمعنى: فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة لعلكم ترغبون وتندمون فتراجعون، {فَإذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} وهو آخر العدة وشارفنه، فأنتم بالخيار: إن شئتم فالرجعة والإمساك بالمعروف والإحسان؛ وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضرار، وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلقها تطويلًا للعدة عليها وتعذيبًا لها {وَأَشْهِدُوا} يعني عند الرجعة والفرقة جميعًا، وهكذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة كقوله: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]، وعند الشافعي: هو واجب في الرجعة مندوب إليه في الفرقة.
وقيل: فائدة الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد، وأن لا يتهم في إمساكها، ولئلا يموت أحدهما فيدعي الباقي ثبوت الزوجية ليرث. {مِنكُمْ} قال الحسن: من المسلمين. وعن قتادة: من أحراركم {لِلَّهِ} لوجهه خالصًا، وذلك أن تقيمموها لا للمشهود عليه، ولا لغرض من الأغراض سوى إقامة الحق ودفع الظلم، كقوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] أي: {ذَلِكُمْ} الحث على إقامة الشهادة لوجه الله ولأجل القيام بالقسط {يُوعِظُ بِهِ}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: : (وقيل: خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة)، أي: لا تخرجوهن إلا أن يخرجن قبل انقضاء العدة فإنه محل إخراجهن لأنه فاحشة في نفسه.
قوله: (وشار فنه)، عطف على قوله: {بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}، على وجه البيان، أي: البلوغ يراد به المشارفة، إذ لا يمكن الرجعة بعد بلوغ الأجل، أي: انقضاء العدة.
قوله: (إن شئتم فالرجعة)، أي: إن شئتم الرجعة والإمساك، وإن شئتم ترك الرجعة فلكم ذلك.