إظهاراً لتقدمه واعتبارًا لترؤسه، وأنه مدره قومه ولسانهم، والذي يصدرون عن رأيه ولا يستبدون بأمر دونه، فكان هو وحده في حكم كلهم، وسادا مسد جميعهم.
ومعنى {إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إذا أردتم تطليقهن وهممتم به، على تنزيل المقبل على الأمر المشارف له منزلة الشارع فيه: كقوله عليه السلام: " من قتل قتيلا فله سلبه" ومنه كان الماشي إلى الصلاة والمنتظر لها في حكم المصلي. {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فطلقوهن مستقبلات لعدتهن، كقولك: أتيته لليلة بقيت من المحرم، أي: مستقبلا لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إظهارًا لتقدمه واعتبارًا لترؤسه)، ومن ثم أوثر لفظ النبي على الرسول، كما روينا في"صحيح البخاري" غير مرة أن البراء قال في الدعاء: ورسولك الذي أرسلت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا، ونبيك الذي أرسلت".
النهاية: قيل: إن"النبي" مشتق من النباوة: وهو الشيء المرتفع.
الراغب: النبوة: سفارة بين الله عز وجل، وبين ذوي العقول من عباده لإزاحة عللهم في أمر معادهم ومعاشهم.
قوله: (مدره قومه)، الجوهري: المدره: زعيم القوم والمتكلم عنهم.
قوله: (ومنه كان الماشي إلى الصلاة والمنتظر لها في حكم المصلي)، هذا إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وائتوها تمشون وعليكم السكينة، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة".
قوله: (فطلقوهن مستقبلات لعدتهن)، قال القاضي: {لِعِدَّتِهِنَّ} أي: وقتها، وهو الطهر، فإن اللام في الأزمان وما يشبهها للتأقيت، ومن عد العدة بالحيض علق اللام بمحذوف، مثل مستقبلات، وظاهره يدل على أن العدة بالأطهار، وأن طلاق المعتدة بالأقراء