(وَابْعَثْ فِيهِمْ) في الأمة المسلمة (رَسُولاً مِنْهُمْ) من أنفسهم. وروي أنه قيل له: قد استجيب لك، وهو في آخر الزمان فبعث الله فيهم محمداً صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم: "أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورؤيا أمي". (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ): يقرأ عليهم ويبلغهم ما يوحى إليه من دلائل وحدانيتك وصدق أنبيائك. (وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ) القرآن (وَالْحِكْمَةَ) الشريعة وبيان الأحكام، (وَيُزَكِّيهِمْ): ويطهرهم من الشرك وسائر الأرجاس، كقوله: (وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ) [الأعراف: 157].
[(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) 130 - 131]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعند أهل السنة: هذه التوبة لترك الأولى والأفضل، وأنها من باب التشديد والتغليظ ليرتدع مرتكب الكبائر ولا يغفل عن التوبة.
وقال القاضي: قوله: (وَتُبْ عَلَيْنَا) استتابه لذريتهما أو عما فرط منهما سهواً، أو لعلهما قالا هضماً لأنفسهما وإرشاداً لذريتهما.
قوله: (أنا دعوة أبي إبراهيم)، روينا عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سأخبركم بأول أمري: دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج لها نور أضاءت له قصور الشام"، أخرجه الإمام أحمد بن حنبل، وصاحب "شرح السنة"، وقد أخرج حديث الرؤيا الدارمي.
قوله: "دعوة أبي"، أي: إثر دعوته، أو: الدعوة نفسها.