وقرأ ابن محيصن: (فأطره) بإدغام الضاد في الطاء، كما قالوا اطجع، وهي لغة مرذولة؛ لأن الضاد من الحروف الخمسة التي يدغم فيها ما يجاورها ولا تدغم هي فيما يجاورها، وهي حروف: ضم شفر.
[(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) 127 - 129].
(يَرْفَعُ) حكاية حال ماضية. و (الْقَوَاعِدَ) جمع قاعدة، وهي الأساس والأصل لما فوقه، وهي صفة غالبة، ومعناها: الثابتة، ومنه: قعدك الله، أي: اسأل الله أن يقعدك، أي: يثبتك. ورفع الأساس البناء عليها؛ لأنها إذا بني عليها نقلت عن هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع وتطاولت بعد التقاصر. ويجوز أن يكون المراد بها سافات البناء؛ لأن كل ساف قاعدة للذي يبنى عليه ويوضع فوقه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا يتصل بباب غريب لطيف، وهو باب التجريد، كأنه يجرد نفسه منها يخاطبها، هذا خلاصة كلامه. وعلى هذين الوجهين لا يكون العطف للتلقين.
قوله: (ضم شفر)، الجوهري: الشفر، بالضم: واحد أشفار العين، وهي حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر، وهو الهدب.
قوله: (وهي الأساس والأصل لما فوقه)، والأصل: عطف تفسيري لقوله: "الأساس"، فالضمير في "فوقه": عائد إلى الأساس، والمستتر في الظرف: عائد إلى "ما"، وانتصاب "قعدك" على المصدر، والأصل: اسأل الله أن يقعدك تقعيداً.