[{أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} 63 - 67].
{أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ} من الطعام، أي: تبدون حبه وتعملون في أرضه، {أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ} تنبوته وتردونه نباتا يرف وينمى إلى أن يبلغ الغاية. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم: زرعت، وليقل: حرثت"، قال أبو هريرة: أريتم إلى قوله {أَفَرَأَيْتُم} الآية؟ والحطام: من حطم، كالفتات والجذاذ من فت وجذ، وهو ما صار هشيما وتحطم {فَظَلْتُمْ} وقرئ بالكسر، و"فظللتم" على الأصل {تَفَكَّهُونَ} تعجبون. وعن الحسن رضي الله عنه: تندمون على تعبكم فيه وإنفاقكم عليه. أو على ما اقترفتم من المعاصي التي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يرف) النهاية: قولهم: يرف رفيفًا: يقطر نداه، يقال للشيء إذا كثر ماؤه من النعمة والغضاضة، حتى يكاد يهتز: رف يرف.
قوله: (قال أبو هريرة: أرأيتم إلى قوله: {أَفَرَأَيْتُم}) يعني: أخبروني كيف أسند الحرث إلى الخلق، والزرع إلى نفسه، ثم أوعدهم بجعله حطامًا وبين تحسرهم بقوله: {إنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}، ليؤذن بأن ليس بأيديهم سوى أن يبذروا الحب، ويعملوا في الأرض.
الراغب: الحرث: إلقاء البذر في الأرض وتهيئتها للزرع، ويسمى المحروث حرثًا، قال تعالى: {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ}. وقال: إذا نسب الزرع إلى العبد فلكونه فاعلًا لأسبابه التي هي سبب الزرع، كما تقول: أنبت إذا كنت من أسباب نباته، والزرع في الأصل مصدر وعبر به عن المزروع في قوله: {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا} [السجدة: 27].