أي: من كان ظالماً من ذريتك لا يناله استخلافي وعهدي إليه بالإمامة، وإنما ينال من كان عادلاً بريئاً من الظلم. وقالوا: في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة، وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته، ولا يجب طاعته، ولا يقبل خبره، ولا يقدم للصلاة؟ ! وكان أبو حنيفة رحمه الله، يفتي سراً بوجوب نصرة زيد بن علي رضي الله عنه، وحمل المال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمي بالإمام والخليفة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهكذا قدر صاحب "المطلع" أيضاً في قوله: (وَمَنْ كَفَرَ)، أي: قل: ومن كفر. وهذا الاسم مناسب للمعنى. قلت: وفيه نظر؛ لأن الخليل عليه السلام إنما عطف قوله: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) على تقدير: وجاعل من ذريتي إماماً، على جملة كلام الله تعالى، على تقدير العامل لا الانسحاب؛ فإذاً ليس من عطف التلقين في شيء، نعم إذا ذهب إلى الانسحاب، لكن المصنف لم يذهب إليه، وعلى هذا المنوال جاء الحديث على ما رويناه عن البخاري ومسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم ارحم المحلقين"، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: "اللهم ارحم المحلقين"، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: "والمقصرين".
قوله: (زيد بن علي) أي: زيد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم.
قوله: (على اللص المتغلب)، اللام: للجنس، وفي جعل اللام للجنس ووصفه باللص وإيقاع "كالدوانيقي" مثالاً له والتلقيب به من المبالغة في تحقير شأنه ما لا يخفى، وقيل: سمي دوانيقياً لأنه زاد في الخراج دانقاً، ومثل هذا التحقير لا يليق بمنصب من انتصب