منصوبًا بدلًا من كُلَّ كَفَّارٍ ويكون فَأَلْقِياهُ تكريرًا للتوكيد.
[{قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} 27]
فإن قلت: لم أخليت هذه الجملة عن الواو، وأدخلت على الأولى؟ قلت: لأنها استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول، كما رأيت في حكاية المقاولة بين موسى وفرعون. فإن قلت: فأين التقاول ها هنا؟ قلت: لما قال قرينه: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ}، وتبعه قوله: {قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ}، وتلاه: {لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ}، علم أنّ ثم مقاولة من الكافر، لكنها طرحت لما يدل عليها، كأنه قال: رب هو أطغاني، فقال قرينه: ربنا ما أطغيته.
وأمّا الجملة الأولى فواجب عطفها للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول، أعني: مجيء كل نفس مع الملكين، وقول قرينه ما قال له.
{ما أَطْغَيْتُهُ}: ما جعلته طاغيًا، وما أوقعته في الطغيان، ولكنه طغى واختار الضلالة على الهدى، كقوله: {وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم: 22].
[{قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} 38 - 29]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويكون {فَأَلْقِيَاهُ} تكريرًا للتوكيد): نحوه قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا} [القمر: 9]، قال: "أي: كذبوه تكذيبًا على عقب تكذيب".
قوله: (في حكاية المقاولة بين موسى وفرعون): أي: في سورة بني إسرائيل، وكذلك في الشعراء.