{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا} معطوف على {وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا}، {يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} يخفق قومًا سواكم على خلاف صفتكم راغبين في الإيمان والتقوى، غير متولين عنهما، كقوله: {وَيَاتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: 19، فاطر: 16]، وقيل: هم الملائكة، وقيل: الأنصار، وعن ابن عباس: كندة والنخع، وعن الحسن: العجم، وعن عكرمة: فارس والروم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الترمذي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك".
ولإرادة التوكيد ذيل الكلام بقوله: {واللَّهُ الغَنِيُّ وأَنتُمُ الفُقَرَاءُ}، وجعله كالاعتراض بين المتقابلين، أعني قوله: {وإن تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا} وقوله: {وإن تَتَوَلَّوْا}، وهما المعطوفان المعنيان بقوله: " {وإن تَتَوَلَّوْا} معطوف على {وإن تُؤْمِنُوا} ".
والتعريف في {الغَنِيُّ} و {الفُقَرَاءُ} للجنس، فآذنا بكمال الغنى ونهاية الفقر، ثم كونهما خبرين وهما معرفتان: دلا على الحصر، نظيره قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ وَيَاتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [فاطر: 15 - 16]، والمعنى: أنتم جنس الفقراء الكاملون فيه، والله هو الغني على الإطلاق، فهو غني عنكم وعن عبادتكم، فإن لم تحمدوه أنتم يستبدل قومًا غيركم؛ من يحمد ولا يكفر مثلكم.
قوله: (يخلق قومًا سواكم): أي: "يستبدل": يحتمل استبدال الوصف واستبدال الذات، كما مر في قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48]، والذي يقتضيه المقام: الثاني، وقوله: "يخلق قومًا سواكم": يشير إلى ذلك، ولهذه الدقيقة استشهد بقوله: {وَيَاتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: 19، فاطر: 16].