[{مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} 20]

سمى ما يعمله العامل مما يبغي به الفائدة والزكاء حرثًا على المجاز، وفرق بين عملي العاملين؛ بأن من عمل للآخرة وفق في عمله، وضوعفت حسناته، ومن كان عمله للدنيا أعطي شيئًا منها، لا ما بريده ويبتغيه، وهو رزقه الذي قسم له وفرغ منه، وماله نصيب قط في الآخرة. ولم يذكر في معنى عامل الآخرة: وله في الدنيا نصيب، على أن رزقه المقسوم له واصل إليه لا محالة؛ للاستهانة بذلك إلى جنب ما هو بصدده من زكاء عمله، وفوزه في المآب.

[{أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَاذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} 21]

معنى الهمزة في {أَمْ} التقرير والتقريع، وشركاؤهم: شياطينهم الذين زينوا لهم الشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وما له نصيب قط): هذه المبالغة نشأت من أن "نصيبًا" نكرة، وقد نفيت على سبيل الاستغراق.

قوله: (معنى الهمزة في {أَمْ}: التقرير والتقريع): يريد: أن {أَمْ} في قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} منقطعة، فيها معنى: "بل" والهمزة، ولابد من سبق كلام إخبار أو إنشاء يضرب عنه، حتى يقرر ما بعده، وما سبق هو قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: 13]، يدل عليه قوله: "وهو الدين الذي شرعت لهم الشياطين"، سماه دينًا مشاكلة أو تهكمًا، أي: اتل عليهم ما شرع لهم من الدين الذي شرعه الله، ووصى به الأنبياء المتقدمة، وآذن بالتمسك به، وقررهم -على سبيل التقريع- ما هم عليه من الدين الذي شرعت لهم الشياطين.

?

طور بواسطة نورين ميديا © 2015