{السَّاعَةَ} في تأويل البعث، فلذلك قيل: {قَرِيبٌ}، أو: لعل مجيء الساعة قريب.
فإن قلت: كيف يوفق ذكر اقتراب الساعة مع إنزال الكتاب والميزان؟ قلت: لأنّ الساعة يوم الحساب ووضع الموازين للقسط، فكأنه قيل: أمركم الله بالعدل والتسوية والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئكم اليوم الذي يحاسبكم فيه، ويزن أعمالكم، ويوفي لمن أوفى، ويطفف لمن طفف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ({السَّاعَةَ} في تأويل البعث): قال أبو البقاء: "يجوز أن يكون تذكير {قَرِيبٌ} على معنى الزمان، أو على معنى البعث، أو على النسب، أي: ذات قرب".
قوله: (فكأنه قيل: أمركم [الله] بالعدل والتسوية والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئكم اليوم الذي يحاسبكم فيه): يعني: دل توسيط "الميزان" بين "إنزال الكتاب" و"مجيء الساعة" على أن الحكمة في إنزال الكتاب العدل والتسوية، كما أن الحكمة في إتيان الساعة القضاء بالحق، إذ ليس الدين والشريعة سوى الاستقامة بين طرفي الإفراط والتفريط، كما قال: {فَادْعُ واسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ولا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}، وليس وضع القيامة إلا {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: 4]، وإليه الإشارة في الآية التي نحن بصددها {اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وإلَيْهِ المَصِيرُ}.
وأما قضية النظم: فإنه تعالى لما أمر حبيبه صلوات الله عليه وسلامه بأن يدعو الزائغين المائلين عن الحق الذين اختلفوا وتفرقوا إلى الاجتماع والاستقامة، وأدمج فيه معنى أن
?