بما أغنى عن إعادته. وعن ابن عباس" {عَذابًا شَدِيدًا} يوم بدر. و {أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ} في الآخرة، {ذلِكَ} إشارة إلى الأسوأ، ويجب أن يكون التقدير: أسوأ جزاء الذي كانوا يعملون؛ حتى تستقيم هذه الإشارة. و {النَّارُ}: عطف بيان للجزاء، أو خبر مبتدأ محذوف. فإن قلت: ما معنى قوله: {لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ}؟ قلت: معناه أن النار في نفسها دار الخلد، كقوله: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، والمعنى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وتقول: لك في هذه الدار دار السرور، وأنت تعنى الدار بعينها. {جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ} أي: جزاء بما كانوا يلغون فيها، فذكر الجحود الذي هو سبب اللغو.
[{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} 29]
{الَّذَيْنِ أَضَلَّانا} أي: الشيطانين اللذين أضلانا {مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}؛ لأنّ الشيطان على ضربين: جني وإنسي، قال الله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [النعام: 112]، وقال: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: 5 - 6]. وقيل: هما إبليس وقابيل؛ لأنهما سنا الكفر والقتل بغير حق. وقرئ: (أرنا)، بسكون الراء لثقل الكسرة، كما قالوا في فخذ: فخذ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن النار في نفسها دار الخلد) قال ابن جني: {لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ} وهي نفسها دار الخلد، فكانه جرد من الدار دارًا، وعليه قول الأخطل:
بنزوة لص بعدما مر مصعب .... بأشعث لا يفلى ولا هو يقمل
ومصعب بنفسه هو الأشعث، كانه استخلص منه أشعث.
قوله: (وقرئ: (أرنا)، بسكون الراء) ابن كثير وابن عامر وأبو بكر وأبو شعيب، وقرأ أبو عمرو عن اليزيدي: باختلاس كسرتها، والباقون: بإشباعها.