فإمّا مخفف نحس، أو صفة على فعل، كالضخم وشبهه، أو وصف بمصدر. وقرئ: (لنذيقهم)، على أنّ الإذاقة للريح، أو للأيام النحسات. وأضاف العذاب إلى الخزي -وهو الذل والاستكانة- على أنه وصف للعذاب، كأنه قال: عذاب خزٍ، كما تقول: فعل السوء، تريد: الفعل السيئ، والدليل عليه قوله: {وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى}، وهو من الإسناد المجازي، ووصف العذاب بالخزي أبلغ من وصفهم به، ألا ترى إلى البون بين قوليك: هو شاعر، وله شعر شاعر.
[{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ} 17 - 18]
وقرئ: {ثَمُودُ} بالرفع والنصب منونًا وغير منون، والرفع أفصح لوقوعه بعد حرف الابتداء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (عذاب خز) الأصل: خزي، أعل إعلال "قاض"، أي: عذاب ذليل؛ لأن الخزي هو الذل والاستكانة، وإنما المعذب ذليل مهان، فهو على الإسناد المجازي. الجوهري: خزي بالكسر يخزى خزيًا: ذل وهان. قال ابن السكيت: وقع في بلية وأخزاه الله، والدليل على أنه من إضافة الموصوف إلى الصفة، قوله تعالى: {وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى} ووصف العذاب بالخزي أبلغ من وصف الكفار به؛ لما يلزم منه انه بلغت ذلتهم إلى أن سرت إلى ما يلابسهم من العذاب نحو قولك: شعر شاعر، أي: بلغ الرجل في الشاعرية إلى أن شعره أيضًا شاعر. قال المتنبي:
وما انا وحدي قلت ذا الشعر كله .... ولكن شعري فيك من نفسه شعر
قوله: (قرئ: {ثَمُودُ} بالرفع والنصب)، الرفع: هو المضهور، والنصب: شاذ.