{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ} [السجدة: 17]، والمعنى: وظهر لهم من سخط الله وعذابه ما لم يكن قط في حسابهم ولم يحدثوا به نفوسهم. وقيل: عملوا أعمالًا حسبوها حسنات، فإذا هي سيئات. وعن سفيان الثوري: أنه قرأها فقال: ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء. وجزع محمد بن المنكدر عند موته فقيل له، فقال: أخشى آية من كتاب الله، وتلاها؛ فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أحتسبه. {وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا} أي: سيئات أعمالهم التي كسبوها. أو سيئات كسبهم، حين تعرض صحائفهم، وكانت خافية عليهم، كقوله: {أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6]. وأراد بالسيئات: أنواع العذاب التي يجازون بها على ما كسبوا، فسماها سيئات، كما قال {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} [الشورى: 40]. {وَحاقَ بِهِمْ}: ونزل بهم وأحاط جزاء هزئهم.

[{فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 49]

التخويل: مختص بالتفضل. يقال: خولني، إذا أعطاك على غير جزاء. {عَلى عِلْمٍ} أي: على علم منى أني سأعطاه، لما في من فضل واستحقاق. أو على علم من الله بي وباستحقاقي. أو على علم منى بوجوه الكسب، كما قال قارون: {عَلى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]. فإن قلت: لم ذكر الضمير في {أُوتِيتُهُ} وهو للنعمة؟ قلت: ذهابًا به إلى المعنى؛ لأنّ قوله: {نِعْمَةً مِنَّا} شيئًا من النعمة وقسمًا منها. ويحتمل أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أي: على علم منى أني سأعطاه)، هو حال من الضمير المرفوع، ولهذا ما أبرز الضمير المنصوب. الانتصاف: ولذلك تقول القدرية: إن الإثابة على الله واجبة، يؤتاها على علم من الله باستحقاقه، وغنما سلم منها أهل السنة الذين جعلوا الثواب فضلًا لا استحقاقًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015