. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أراد: لم أكن عجلًا، ولم يرد: أكثرهم عجلة؛ لأن قصد ذلك يستلزم ثبوت العجلة غير الفائقة، وليس غرضه إلا التمدح بنفي العجلة قليلها وكثيرها. الجشع أشد الحرص.
وقال أبو الطيب:
وما أنا إلا عاشق كل عاشق .... أعق خليليه الصفيين لائمه
قال الواحدي: ومعنى "الأعق" ها هنا: العاق، كما قال حسان بن قرط:
خالي بنو أنس وخال سراتهم .... أوس فأيهما أدق وألأم؟
أي: فأيهما الدقيق واللئيم، وليس يريد أن الدقة واللؤم اشتملا عليهما معًا ثم زاد أحدهما على صاحبه.
وقد يطلق هذا اللفظ وليس يراد به الاشتراك كقوله تعالى: {أَصْحَابُ الجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًا وأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] ولا خير في مستقر أهل النار ولا حسن، كذلك جاز أن تقول: "أعق خليله" وإن لم يكن للممسك عن اللؤم صفة عقوق.
وقلت: وعلى هذا ينزل قول المصنف في هذه الآية: "إن السيء يفرط منهم من الصغائر والزلات المكفرة هو عندهم الأسوأ"، يعني: أنهم يعدون صغائرهم كبائر؛ لرفعة منزلته وعلو مرتبتهم، كما جاء: حسنات الأبرار سيئات المقربين. وكذلك حسناتهم الأدنى عند الله كالحسنات الفضلى. قال تعالى: {ومَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31]. نحوه في إرادة المبالغة من قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت: 34] في أحد وجهيه. قال: كان القياس على هذا أن يقال: ادفع بالتي حسنة، لكن وضع التي هي أحسن موضع الحسنة؛ ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة.