والبناء على الحق والصدق، ومنفعة الخلق، وتناسب ألفاظه وتناصفها في التخير والإصابة، وتجاوب نظمه وتأليفه في الإعجاز والتبكيت، ويجوز أن يكون {مَثَانِيَ} بيانًا لكونه متشابهًا؛ لأن القصص المكررة لا تكون إلا متشابهة. والمثاني: جمع مثنى بمعنى: مردد ومكرر، لما ثني من قصصه وأنبائه، وأحكامه، وأوامره، ونواهيه، ووعده، ووعيده، ومواعظه. وقيل: لأنه يثنى في التلاوة، فلا يمل كما جاء في وصفه: لا يتفه ولا يتشان ولا يخلق على كثرة الرد. ويجوز أن يكون جمع مثنى مفعل، من التثنية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وتناصفها في التخير والإصابة)، الجوهري: أنصف، أي: عدل، يقال: أنصفه من نفسه، وانتصفت أنا منه، وتناصفوا، أي: أنصف بعضهم بعضًا من نفسه، ومنه قول الشاعر:

إني غرضت إلى تناصف وجهها .... غرض المحب إلى الحبيب الغائب

يعني: اشتقت إلى استواء المحاسن، كأن بعض أعضاء الوجه أنصف بعضًا في أخذ القسط من الجمال.

قوله: (ويجوز أن يكون {مَثَانِيَ} بيانًا)، عطف على قوله: "مطلق في مشابهة بعضه بعضًا"، أي يقيد {مثتَشَابِهًا} تارة بـ {مَثَانِيَ}، ويطلق أخرى ليبقى على إطلاقه دالًا على ما هو شائع في جنسه، ومن ثم قدر ما قدر.

قوله: (لا يتفه ولا يتشان)، النهاية: في حديث ابن مسعود يصف القرآن: "لا يتفه ولا يتشان". هو من الشيء التافه الحقير، يقال: تفه يتفه فهو تافه، ولا يتشان، أي: لا يخلق عن كثرة الرد، مأخوذ من الشن وهو السقاء الخلق.

قال في"الفائق": أي: القرآن حلو طيب لا تذهب طلاوته ولا يبلى رونقه وطراوته بترديد القراءة كالشعر وغيره. وتفه، أي: من: تفه الطعام؛ إذا سنخ، أو من: تفه الثوب؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015